كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 7)

" صفحة رقم 66 "
وما بين المبدل منه والبدل معترض ، أو في موضع جر ، على أن يكون بدلاً من السبيل ، أي قصدهم عن أن لا يسجدوا . وعلى هذا التخريج تكون لا زائدة ، أي فصدهم عن أن يسدجوا لله ، ويكون ) فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ ( معترضاً بين المبدل منه والبدل ، ويكون التقدير : لأن لا يسجدوا . وتتعلق اللام إما بزين ، وإما بقصدهم ، واللام الداخلة على أن داخلة على مفعول له ، أي علة تزيين الشيطان لهم ، أو صدهم عن السبيل ، هي انتفاء سجودهم لله ، أو لخوفه أن يسجدوا لله . وقال الزمخشري : ويجوز أن تكون لا فريدة ، ويكون المعنى فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا . انتهى . وأما قراءة ابن عباس ومن وافقه ، فخرجت على أن تكون ألا حرف استفتاح ، ويا حرف نداء ، والمنادى محذوف ، واسجدوا فعل أمر ، وسقطت ألف يا التي للنداء ، وألف الوصل في اسجدوا ، إذ رسم المصحف يسجدوا بغير ألفين لما سقط لفظاً سقطا خطاً . ومجيء مثل هذا التركيب موجود في كلام العرب . قال الشاعر :
ألا يا اسلمي ذات الدمالج والعقد
وقال :
ألا يا اسقياني قبل غارة سنجال
وقال :
ألا يا اسلمي يا دارميّ على البلى
وقال : فقالت ألا يا اسمع أعظك بخطبة
فقلت سمعنا فانطقي وأصيبي
وقال :
ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدروإن كان جباناً عدا آخر الدهر
وسمع بعض العرب يقول :
ألا يا ارحمونا ألا تصدّقوا علينا
ووقف الكسائي في هذه القراءة على يا ، ثم يبتدىء اسجدوا ، وهو وقف اختيار لا اختبار ، والذي أذهب إليه أن مثل هذا التركيب الوارد عن العرب ليست يافيه للنداء ، وحذف المنادى ، لأن المنادى عندي لا يجوز حذفه ، لأنه قد حذف الفعل العامل في النداء ، وانحذف فاعله لحذفه . ولو حذفنا المنادى ، لكان في ذلك حذف جملة النداء ، وحذف متعلقه وهو المنادي ، فكان ذلك إخلالاً كبيراً . وإذا أبقينا المنادي ولم نحذفه ، كان ذلك دليلاً على العامل فيه جملة النداء . وليس حرف النداء حرف جواب ، كنعم ، ولا ، وبلى ، وأجل ؛ فيجوز حذف الجمل بعدهنّ لدلالة ما سبق من السؤال على الجمل المحذوفة . فيا عندي في تلك التراكيب حرف تنبيه أكد به ألا التي للتنبيه ، وجاز ذلك لاختلاف الحرفين ، ولقصد المبالغة في التوكيد ، وإذا كان قد وجد التأكيد في اجتماع الحرفين المختلفي

الصفحة 66