أول طهر تعتد به، والمراد: أن يطلقها في طهر لم يُصِبْها فيه، وهو طلاق السنة.
نزلت هذه الآية في عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، كان قد طلق امرأته في حال الحيض، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "مُرْهُ فَلْيراجِعْها، ثم ليمسِكْها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسكَ بعدُ، وإن شاء طلَّقَ قبلَ أن يَمَسَّ، فتلك العِدَّةُ التي أمَرَ الله أن تُطَلَّق لها النساءُ" (¬1). قرأ ورش عن نافع: (طَلَّقْتُمْ) (فَطَلِّقُوهُنَّ) بتغليظ اللام، وكذلك كل لام مفتوحة مخففة أو مشددة إذا تقدمها صاد أو طاء أو ظاء بفتح أو سكون، وعنه خلاف في (طَالَ) و (فِصَالًا)، وتقدم حكم الطلاق السني والبدعي ومذاهب الأئمة فيه في سورة الأحزاب عند تفسير قوله تعالى: {سَرَاحًا جَمِيلًا} [الآية: 49].
{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} اضبطوها، واحفظوا عدد أقراء العدة ثلاثًا مستقبلات بلا نقصان؛ لتعلموا وقت الرجعة إن أردتم أن تراجعوهن؛ لأن الرجعة إنما تجوز في زمان العدة إذا كان الطلاق رجعيًّا بالاتفاق.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} في الإضرار بهن.
{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} اللاتي يسكنها إذا طلقتموهن حتى تنقضي عدتهن، فإذا كان الطلاق رجعيًّا (¬2)، فللزوجة السكنى بمنزل الطلاق، وليس لها الخروج منه حتى تنقضي عدتها بالاتفاق، وأما إذا كان الطلاق بائنًا، فعند أحمد: الحقُّ في إسكانها للزوج، فيسكنها حيث شاء مما يصلح
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير البغوي" (4/ 413). والحديث رواه "البخاري" (4953)، كتاب: الطلاق، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}، ومسلم (1471)، كتاب: الطلاق، باب: تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، دون ذكر أن الآية نزلت في قصته.
(¬2) "رجعيًّا" زيادة من "ت".