كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 7)

{إِنْ طَلَّقَكُنَّ} رسولُه {أنَّ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} قرأ أبو عمرو: (طَلَّقكُنَّ) بإدغام القاف في الكاف، والباقون: بالإخلاص، وقرأ نافع، وأبو جعفر، وأبو عمرو: (يُبَدِّلَهُ) بفتح الباء وتشديد الدال، والباقون: بإسكان الباء وتخفيف الدال (¬1).
{مُسْلِمَاتٍ} خاضعات له بالطاعة {مُؤْمِنَاتٍ} مخلصات {قَانِتَاتٍ} طائعات {تَائِبَاتٍ} عن الذنوب {عَابِدَاتٍ} متذللات لأمر الرسول {سَائِحَاتٍ} صائمات.
{ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} أي: مشتملات على الثيبات والأبكار، والآية واردة في الإخبار عن القدرة، لا عن الكون في الوقت؛ لأنه تعالى قال: {إِنْ طَلَّقَكُنَّ}، وهو علم أنه لا يطلقهن، وهذا كقوله: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]، فهذا إخبار عن القدرة، وتخويف لهم؛ لأنه ليس في الوجود خير من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
روي عن أنس بن مالك: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا رسول الله! لا تكترثْ بأمر نسائك، والله معك، وجبريل معك، وأبو بكر معك، وأنا معك"، فنزلت الآية موافقة نحوًا من قول عمر (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 640)، وقراءة (يبدله) في "التيسير" للداني (ص: 145)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 314)، و"معجم القراءات القرآنية" (7/ 178).
(¬2) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (5/ 332)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (8/ 287). وأصله في "الصحيح".

الصفحة 99