كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)

يكن إجماعٌ فقولُ الواحد من الصحابة، فقولُ الصحابي أولى من غيره، ولاسيَّما من قامت الحجة على أنه بخصوصه من المنعَم عليهم كالخلفاء الأربعة وغيرهم. وقِسْ على هذا.
ومن إجماعهم: تركُهم لكثير من الأمور التي انتشرت بين المسلمين بعدَهم على أنها من الدين. فنقول: هذا الفعل بدعة؛ لأنه لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -
وأصحابه. ولو كان من الدين لما اتَّفقوا على تركه. والله أعلم.

" {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
قال أهل العربيّة: إن كلمة "غير" لا تتعرف بالإضافة إلى المعرفة لتوغُّلها في الإبهام. واستثنى جماعة من محققيهم (¬١) ما إذا وقعت بين متضادين معرفتين، وذلك لزوال الإبهام؛ وهي ههنا كذلك.
فمن قال: لا تتعرَّف، حمَلَها في هذا الموضع على أنها بدل من "الذين". وإبدالُ النكرة من المعرفة جائز عند البصريين بشرط حصول الفائدة.
وقال الكوفيون: لا يجوز إلا إذا اتَّحد اللفظُ ونُعِتت النكرةُ (¬٢)، كما في
---------------
(¬١) ومنهم ابن السرَّاج والسيرافي. انظر: "توضيح المقاصد" (٧٩١) و"حاشية الصبان" (١/ ٣٦٦).
(¬٢) الشرط الأول وهو اتحاد اللفظ نقله ابن مالك عن الكوفيين في "شرح التسهيل" (٣/ ٣٣١). ولكن إعرابَ الكسائي والفراء لكلمة "قتال" في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: ٢١٧] بأنَّ خفضه على نية "عن" مضمرة= لا يؤيد ما نقله. انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ١٤١) و"إعراب القرآن" للنحاس (١/ ١٠٧). ونبَّه على ذلك أبو حيان في "ارتشاف الضرب" (١٩٦٢) وقال: "ونسب بعض أصحابنا ما نقله ابن مالك عن الكوفيين إلى نحاة بغداد لا إلى نحاة الكوفة".

الصفحة 124