كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)

في قوله: {عَذَابٌ عَظِيمٌ}، {عَذَابٌ أَلِيمٌ} = اقتضى الحال أن يفصل أيضًا نعيم
المؤمنين الذي أجمل بقوله في أول السورة: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ففصله في آية (٢٥)، وذكر فيها ثمر الجنة وتشابهه والأزواج المطهرة؛ ليرتبط بما بعده من قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ... } [آيتي: ٢٦ - ٢٧]؛ [٣/ب] فإن الثمرة وتشابهها، والأزواج وطهارتها، يصدق عليهما أنهما مثل لنعيم الجنة.
قال تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: ٣٥].
وقال تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: ١٥].
هذا مع أن قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} موجه بالذات إلى إنكار المنافقين المثلين المتقدمين فيهم في أول السورة ــ كما جاء عن ابن مسعود وجماعة من الصحابة (¬١) ــ ولكن لم يكتف بهذا الربط لما قدمنا.
وعبر في آية (٢٦) بقوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} ولم يقل: (نافقوا)، وإن كان السياق يبين أنهم المراد؛ لأمرين:
الأول: الإشارة إلى أن الكفار المصرحين قد يشاركون المنافقين في ذلك.
---------------
(¬١) انظر: "تفسير الطبري" (شاكر ١/ ٣٩٨).

الصفحة 142