كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)

كانت لهم، ولكن الله عز وجل خفف عن هذه الأمة فلم يبتلهم بأعظم مما كان على من قبلها، بل جعله مثله.
(٢١٥) ذكر الله عز وجل في الآية السابقة الابتلاء بالبأساء والضراء وزلزال الخوف، [١٦/ب] ثم عقبه في هذه بنوعٍ من الابتلاء بالبأساء والضراء وهو إنفاق المال.
ولذلك ــ والله أعلم ــ أعرض عن إجابتهم ببيان المقدار الذي ينفقونه، وبين لهم المصرف، فكأنه أحال التقدير إلى اختيارهم؛ لأن ذلك أظهر في الابتلاء. ألا ترى أن الابتلاء بعمل معين، إذا عمله العبد، لا يظهر به إلا امتثاله.
فأما محبته لسيده وتفانيه في رضاه، فإنه لا يظهر إلا بأن يرغبه في عملٍ ويدع له فيه طرقًا للاعتذار إن لم يوفه. فإنه إن لم يكن صادق المحبة لسيده، والتفاني في رضاه، لم يبالغ في الشق على نفسه، بل يتكل على أن له معاذير. وإن وفى ذلك العمل، وبالغ فيه جهده، ولم يجنح إلى ما يلوح له من الرخصة، فهو الغاية.
وأنت إذا تأملت وجدت هذا الابتلاء بهذه الصفة من أشد الابتلاء.
فإن قلت: فماذا صنع الصحابة؟
قلت: [١٧/أ] في "الدر المنثور" (¬١): "أخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس: أنَّ نفرًا من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي
---------------
(¬١) (١/ ٦٠٧).

الصفحة 167