كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)

[١٧/ب] وهذه الآية، أعني: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} تأتي بعد ثلاث آيات؛ فعلم بذلك أن الصحابة رضي الله عنهم بعد نزول آية (٢١٥) بذلوا أقصى مجهودهم، حتى كان أحدهم ينفق جميع ماله ولا يدع لنفسه وأهله شيئًا. وبذلك ظهر حبهم لله عز وجل، وتفانيهم في رضاه، وتمَّ لهم النجاح في ذلك الابتلاء، ولذلك ردهم الله عز وجل إلى الاعتدال ثانية، والله أعلم.
(٢١٦) ذكر في هذه الآية ما يتعلق بالابتلاء بزلزال الخوف، وهو وجوب القتال المارُّ في آية (٢١٤).
(٢١٧) هي كالتتمة للتي قبلها، مع إيضاح الابتلاء، ولكن أن يكون بيان حكم القتال في الشهر الحرام على هذا الأسلوب فيه ابتلاءٌ أيضًا؛ فإنه قال: {قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} أي: مفسدة كبيرة، {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} يريد ــ والله أعلم ــ أن هاتين المفسدتين متعارضتان، وهما: ابتداء المسلمين القتال في الشهر الحرام، واستمرار المشركين على الصد عن سبيل الله وما معه. ففي هذا التنبيهُ على حلِّ القتال في الشهر الحرام؛ لأنه وإن كان معه مفسدة ففي تركه مفسدة أكبر.
ولكن بقي مجالٌ للتكاسل عن القتال فيه، بأن يقال: قد أخبر الله تعالى أنه كبير. وأما مفسدة استمرار المشركين على ما هم عليه، فإنها وإن كانت أكبر إلا أنه بعد انقضاء الشهر الحرام يكون السعي في دفعها.
(٢١٨) هي تتمة للتي قبلها. وفيها تعرض لبيان ثواب الثابتين، وفي التي قبلها جزاء المرتدين.

الصفحة 169