كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)

ولهذا عقب هذا بقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}.
ويمكن أن يكون في جعلها ــ أعني قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} في هذا الموضع ابتلاء آخر؛ فإن المائل إلى الرخصة قد يتشبث بها قائلًا: إن الله تعالى يريد منا اليسر، ولهذا لما شددنا على أنفسنا في النفقة لم يرض لنا ذلك، بل ردَّنا إلى الاعتدال، فكذلك ينبغي أن لا نشدد في القتال في الشهر الحرام، وفي الخمر والميسر.
فإن قلت: فهل نجحوا في الابتلاء في القتال في الشهر الحرام، وفي الخمر والميسر، كما نجحوا في الابتلاء بالإنفاق؟
[١٩/أ] قلت: الذي يظهر لي أنهم نجحوا في شأن القتال، ونجح غالبهم في شأن الخمر والميسر.
فإن قلت: فهل خفَّف الله عنهم، كما وعدهم بوضعه آية العفو عقب الابتلاء؟
قلت: أما في شأن القتال في الشهر الحرام فنعم، فقد جاء في الروايات أنهم قاتلوا فيه، ثم نزلت بعد ذلك آيات النهي عن القتال في الشهر الحرام، بعضها في سورة التوبة، وبعضها في سورة المائدة، وكان نزولها بعد هذا.
وأما في الخمر والميسر فلم يخفف. والسبب في ذلك ــ والله أعلم ــ أولًا:
أن بعضهم ترخَّص في الخمر بعد ذلك، ولعل بعضهم ترخَّص في الميسر أيضًا.
وثانيًا: أن الذين لم يترخصوا تبيَّن لهم عظمُ المفسدة في الخمر والميسر، فحرصوا بأنفسهم على أن يحرِّمهما الله عز وجل البتة، كما ثبت

الصفحة 171