كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)

فيَرِد عليه ما ورد على الوجه الذي ذكره المفسِّر (¬١)، هذا مع أنَّ ظاهر السياق لا يحُدُّه (¬٢).
ثم قلت: ومع كون الوجه الأول هو الراجح نظرًا، فهو المتبادر، وحكيتُ ما خطر لي أوّلًا.
وبعد ذلك قال سيِّدنا أيَّده الله: قد سبق لي مثل هذا في قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: ٣]، فقال الخطيب (¬٣): إنَّ المجيء بِـ (مِنْ) التبعيضيّة إشارةٌ إلى منع إعطاء الكلّ (¬٤).
فقلت: كلا، وإنما فائدتها تعريف المخاطبين أن الأجر والمدح يحصل بإعطاء البعض، ولا يتوقف على إعطاء الكلّ، كما في قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" (¬٥)، وغيره.
فقلت: فنصُّه على أن البعض موجبٌ للأجر والثواب يدلُّ على أن الكلّ من باب أولى. ولو نصَّ على الكلِّ لكان الظاهر توقُّف المدح عليه دون البعض، والأمر بخلافه.
أقول: وعلى ما تقرّر، فيكون هذا من مفهوم الموافقة لا مفهوم المخالفة، فإن
مفهوم المخالفة شرطه كما في "اللبّ" أن لا يظهر لتخصيص المنطوق
---------------
(¬١) يعني الجلال السيوطي في تفسير الجلَالين، كما سبق.
(¬٢) الكلمة في الأصل تشبه ما أثبت.
(¬٣) يعني الرازي، وهو معروف بابن الخطيب أو ابن خطيب الري.
(¬٤) "مفاتيح الغيب" (٢/ ٣٥).
(¬٥) أخرجه البخاري (٦٠٢٣) ومسلم (١٠١٦) من حديث عدي بن حاتم.

الصفحة 225