كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)

[ص ١] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (٣٤) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ ... } الآيات [ص: ٣٤ - ٣٦].

أجزاء الآية
١ ــ {فَتَنَّا} معناه: بلونا، اختبرنا، امتحنا. قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥]، ففتنة الله عز وجل لعبده هو أن يعرضه لأمر يعترك فيه خوفه من الله عز وجل وهواه، بأن يكون في ذلك الأمر ما تميل إليه النفس وتشتهيه وترغب فيه مما نهى الله عز وجل عنه.
فالخير كالغنى ــ مثلاً ــ فتنة، لأن نفس الغني تميل إلى الأشر والبطر والشهوات المحظورة.
والشر كالفقر ــ مثلاً ــ فتنة، لأن نفس الفقير تميل إلى طلب المال، ولو من غير حِلِّه.
وإذا فتن الله عز وجل عبدًا، أي بلاه بشيء، فقد يغلب إيمانه وتقواه هواه فيفوز، وقد يغلب هواه تقواه فيسقط.
فيتحصّل من هذا: أن الله عز وجل إذا أخبر أنه فتن عبدًا، فليس في هذا الخبر وحده ما يدل على وقوع العبد في المعصية، وإنما يدل على أنه سبحانه عرّض العبد لأمرٍ، كما مرَّ، فليس في كلمة {فَتَنَّا} في هذه الآية ما

الصفحة 231