كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)
فإن قيل: وكذلك الكتابة ليست أثرًا للقلم من حيث هو، وإنما توجد بأخذه باليد وغمسه في المداد، ثم إمراره على الكاغد مثلًا على الوجه المخصوص، فكما لا يقدح هذا هناك، فلا يقدح ما ذكرتم هنا.
قلنا: الفرق واضح، وهو أن الفعل في "كتبت بالقلم" ينبئ عن بقية الأمور، بخلاف الفعل في قوله: "باسم الله آكل".
ولو سلم ما ذكرتم لم يغن عن الاحتياج إلى توضيح المعنى، فإن المعنى في قولك: "كتبت بالقلم" واضح، ولا كذلك في "باسم الله آكل". فلا بد لتوضيح المعنى من أن يقال: أصل الكلام: ببركة ذكر اسم الله التي أرجو أن يمنَّ الله عليَّ بها أدفع النقصان عن أكلي.
وأما على المصاحبة، فقد عرفت قولهم: "إن باء المصاحبة هي التي يصلح موضعها "مع"، ويغني عنها وعن مصحوبها الحال".
فيقال في "باسم الله آكل": مع اسم الله آكل، ومسمِّيًا اللهَ آكل. ولكن لما كانت التسمية تطلق على وضع الاسم، وعلى ذكره، والمقصود هنا الثاني، كان الواضح أن يقال في تقدير الحال: ذاكرًا اسم الله آكل.
وقد قالوا في قوله تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ} [هود: ٤١]: "الباء للملابسة، والملابسة هي المصاحبة، ولما كانت ملابسة اسم الله عز اسمه بذكره، قالوا: المعنى: اركبوا مسمِّين الله" (¬١).
لكن يتراءى هنا فرق ما بين قولنا: "مع اسم اللهَ آكل"، وقولنا: "مسمِّيًا الله آكل" , أو "ذاكرًا اسم الله آكل". وقد يوفَّق بينهما بأن المراد بمعية اسم الله
---------------
(¬١) "روح المعاني" (١٢/ ٥٦).
الصفحة 42
387