كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)
تَبْتِيلًا} [المزمل: ٨]. {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الإنسان: ٢٥]. وقال عز وجل: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا} [آل عمران: ٤١]. {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الأعراف: ٢٠٥].
فإن قيل: فكلٌّ من لفظ "ذكر"، ولفظ "اسم" إذا اقتصر عليه، اقتضى تقدير الآخر، فلماذا أوثر "باسم الله" على "بذكر الله" هنا، وعكس في مواضع مثل قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]؟
قلت: لكل مقام مقال، فقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} المراد بالذكر: الصلاة والخطبة، من إطلاق الجزء وإرادة الكل، والجزء هو الذكر، لا نفس الاسم.
والمقصود في التسمية على الأكل ونحوه: هو أن يقع من الإنسان كلام هو في نفسه ذكر، و "باسم الله" أدلُّ على ذلك من "بذكر الله"، ولأنه دار الأمر بين أن يترك لفظ "ذكر" أو أن يترك لفظ "اسم"، والأولى في مثل هذا حذف "ذكر".
أما أولًا: فلأن الأصل "ذكر اسم الله" والمعروف في الحذف هو حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه. وعليه، يبقى لفظ الجلالة على أصله. ولو قيل: "بذكر الله" لكان المعنى أن لفظ "اسم" حذف، وأقيم لفظ الجلالة مقامه، والتنازع إنما كان بين لفظي ذكر واسم؛ فلأن يحذف أحدهما ويقام الآخر مقامه أولى من أن يحذف أحدهما ويقام لفظ ثالث مقامه.
وأما ثانيًا: فلأن ذكر الاسم ينحل إلى شيء من الإنسان، وهو الذكر، وشيء لله عز وجل، وهو الاسم، فاطراح الأول أولى.
الصفحة 49
387