كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 7)

بيده ويُدخله الجنة. ومنهم من يقول: إنه يشفع له، ولا بدَّ، على معنى أنه يشفع لمن شاء وهوِي، وأنه يهوى من كان يدعوه ويلتجئ إليه ويعظِّمه، وأنَّ شفاعته
مقبولة حتمًا، سواء في ذلك أكان المشفوع له مستحقًّا في حكم الله أن يشفع له أم لا. ولهم في هذا تخاليط وأغاليط قد سرى كثير منها إلى المسلمين. والله المستعان.
وتمام الكلام على هذا في "رسالة العبادة".
[ل ٥٩/أ] والعبادة: اختلفت عباراتهم في تفسيرها.
فقيل: الطاعة. وقيل: الخضوع والتذلُّل. وقيل: الطاعة والخضوع مع المحبة.
وهذه العبارات صالحة لتفسير عبادة الله عزَّ وجلَّ، فأما العبادة المطلقة، فلا؛ لأنَّ الخادم مثلًا يطيع مخدومه، ويخضع له، ويتذلَّل، وهو مع ذلك يحبُّه، ولا يكون ذلك عبادةً منه لمخدومه اتفاقًا.
وقيل: أقصى درجات الخضوع. وكاد المتأخرون يطبقون عليه، مع أنه لا يفسِّر لنا العبادة المطلقة. أما أولًا فلأنَّ للخضوع درجات، فما المراد بالأقصى منها؟ وأما ثانيًا فلأنه إن أريد الخضوع الحسِّي فنحن نرى بعض درجاته عبادة، ثم نرى أبلغ منها بكثير ليس بعبادة. فالطائف بالبيت راكبًا إذا مرَّ على الحجر الأسود، فوضع مِحجَنَه عليه، ثم استلم طرفَ المِحجن؛ كان ذلك عبادة لله. والفقير إذا أخذ نعلَ الغني، فقبَّل ظاهرها، ووضعها على عينيه ورأسه؛ لا يكون ذلك عبادة.

الصفحة 96