وإذا قيل هذا عن الأناجيل - مع قرب العهد بها - فماذا يُقال عن التوراة والتلمود وهي أقدمُ عهدًا، واليهود أكثرُ تحريفًا؟ ! كيف وقد حوت هذه الكتب سوءَ أدبٍ مع الله وإساءة للأنبياء عليهم السلام واتهامًا لهم في أخلاقهم وأعراضهم؟ ! ومن نماذج ذلك تصويرُهم لوطًا عليه السلام سكيرًا وعاهرًا يزني بابنتيه في حال السكر - جاء ذلك في سفر التكوين، الإصحاح التاسع عشر.
ويصورون يعقوب - عليه السلام - بأنه محتالٌ سرق النبوة من أخيه البكر بأسلوب قذر «كما جاء عندهم في سفر التكوين الإصحاح السابع والعشرين».
أما عيسى - عليه السلام - فيقول اليهودُ في تلمودهم بأنه ابنٌ غيرُ شرعي، حملته أمه سفاحًا وهي حائض من العسكري باندارا. إلى غير ذلك من خزعبلاتٍ، لولا بيانُ باطلهم لنزّهت أسماعكم وبيت الله من ذكرها (¬1). إن هذه الكتب لا يُمكن الاعتماد عليها على أنها كتبٌ منزّلة من السماء - وإذا نَهَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الفاروق وهو يُقلب صحيفةً من التوراة ويقولُ له: «والله لو كان أخي موسى حيًا ما وَسِعَه إلا إتباعي» ... فماذا يُقال لغير عمر ممن هو أقلَّ إيمانًا وفقهًا منه، حين يفكر في قراءة شيء من هذه الكتب المحرفة؟ ! أما كتابُ ربنا وعهدُه الأخيرُ للناس، والمعجزُ بحفظه، وبما حواه فيكفيه شهادةُ الله له بالتصديق لما قبله، والهيمنة على الكتب السابقة عليه، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} (¬2).
عبادَ الله: أما محمد صلى الله عليه وسلم فهو خاتمُ الأنبياء - عليهم السلام - وأفضلُهم، بعثتُه للناس كافة، وبه ختم اللهُ رسالاتِ السماء، هو دعوةُ أبيه إبراهيم عليه السلام حين قال وابنه
¬_________
(¬1) «السيرة في ضوء المصادر الأصلية» ص 86، 87، د. مهدي رزق الله أحمد.
(¬2) سورة المائدة، الآية: 48.