كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 7)

وكذلك قارون الذي ناءت بحمل مفاتيح كنوزه أولو العصبة من أصحاب القوة ... وقال متطاولًا مستكبرًا: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} (¬1) فكانت النتيجة: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} (¬2).
إن الضعيف يقوى إذا احتمى بالله وركن إليه، وأن القويَ يضعف وتهن قواه إذا تجبر وطغى.
وينبغي أن يُقدر المسلمون أن صلتهم بالله مصدرُ قوتهم وعزتهم، وأن بداية سقوطهم ضعفُ صلتهم بالله وتنكُّرُهم لشرعه، واعتمادُهم وتوكلُهم على غيره.
يا أخا الإسلام: وإياك إياك أن تستوحش من سلوك طريق الخير لقلة السالكين، أو تغترّ بسلوك طريق الشرِّ لكثرةِ الهالكين، فأنت سترد على الله فردًا، وإذا كان لا يغني في موقف العرض الأكبرِ الاعتذارُ بتقليد الآباء والأجداد ... فكيف يغني اعتذارُك بتقليد من سواهم! !
إن مما يُسلي المؤمن ويسري عنه أنَّ غربة اليوم والثبات على الحق عاقبتُها جناتُ المأوى، كذا أخبر المصطفى: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء» أتدري من هؤلاء الغرباء؟ الذين يصلحون إذا فسد الناس، وفي رواية: «يصلحون ما أفسد الناس» فأصلح نفسك إذا فسد الزمان وساهم في إصلاح غيرك، فلأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم.
اللهم أصلحنا، وأصلح بنا، اللهم احفظنا واحفظ لنا، اللهم ارزقنا الاستقامة على دينك، والعمل بسنة نبيك ... واجعلنا ممن يرد حوضه، وينال شفاعته، ولا تجعلنا ممن يُذاد عنه وعنهم، يقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
¬_________
(¬1) سورة القصص، الآية: 78.
(¬2) سورة القصص، الآية: 81.

الصفحة 255