كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 7)

من أن تُحصر ... وإن كان اللهُ جعل لكل شيءٍ قدرًا، وربط الأمور بأسبابها، وجعل للنصرِ والتمكين شروطًا لا بد من توفرها ... ولكن هذه الأسباب والشروط ليست ضربًا من المستحيل، ولا فوق طاقات البشر، لكنها محتاجةٌ إلى صدق وإخلاصٍ وجهادٍ ونية، وأنتم اليوم - كما كان أسلافكم من قبل - مُمتحنون على صدق الجهاد لدينه، والولاء لشرعه وللمؤمنين، والبراءة من الشرك وأهله، وقد قيل لمن هو خير منا: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (¬1).
عباد الله: ودعونا نستبشر ونبشر بنصر الله، ونقارن بين العسر واليسر، ونُجدد عزائم النفوس، ونطرد بالأمل والبشرى دواعي الألمِ والقنوط ومظاهرَ الإحباط واليأس.
إن الدينَ دينُ الله، والحُرمات حرماتُه، واللهُ أغيرُ على دينه وحرماتِه منا، وهو الذي أنزل الدين، وأرسل الرسل، وتكفّل بإظهار دينه {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (¬2)، {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (¬3) ويقول جلَّ قائلًا عليمًا {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬4).
ومن قديم الزمنِ وحديثهِ والأعداءُ يتربصون بالمؤمنين الدوائر، ويكيدون لهم، وفي مثل هذا الزمن يبلغ كيدُ الأعداء مبلغًا ربما ظن معه ضعفاءُ الإيمان أن المسلمين لن تقوم لهم بعده قائمة ولن ترتفع لهم راية ... ولكن العودةَ إلى آيات
¬_________
(¬1) سورة آل عمران، الآية: 179.
(¬2) سورة التوبة، الآية: 33، والصف، الآية: 9.
(¬3) سورة الفتح، الآية: 28.
(¬4) سورة الصف، الآية: 8.

الصفحة 268