كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 7)

وفئة تنحازون إليها إن انهزمتم، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: المغنم قليل والناس كثير: وإن تعط هؤلاء ما شرطت لهم حرمت أصحابك. فنزلت.
وعن سعد بن أبى وقاص: قتل أخي عُمير يوم بدر، فقتلت به سعيد بن العاص، وأخذت سيفه فأعجبني، فجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنّ الله قد شفى صدري من المشركين، فهب لي هذا السيف، فقال: "ليس هذا لي ولا لك، اطرحه في القبض"، فطرحته، وبى ما لا يعلمه إلا الله تعالى من قتل أخي، وأخذ سلبي، فما جاوزت إلا قليلًا حتى جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنزلت سورة الأنفال، فقال: يا سعد، إنك سألتني السيف وليس لي، وإنه قد صار لي فاذهب فخذه".
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: نزلت فينا -يا معشر أصحاب بدر- حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا، فجعله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه بين المسلمين على السواء، وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله، وإصلاح ذات البين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (تنحازون إليها)، الجوهري: "الحوز: الجمع، وكل من ضم إلى نفسه شيئاً فقد حازه حوزاً، وانحاز القوم: تركوا منزلهم"، إلى آخره.
قوله: (اطرحه في القبض): القبض - بالتحريك-: ما قُبض من الغنائم.
قوله: (وان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله، وإصلاح ذات البين): أي: في نزع النفل من أيدينا وجعله للرسول صلى الله عليه وسلم وقسمته على السواء.
وأما كونه تقوى الله فإن كل أحدٍ منا كان يظن أن حقه أوفى من حق صاحبه؛ لما كان يرى من جهاده، فيقع التشاجر التنازع، فلما نزع الله من بين أيدينا ارتفع الظن والاختلاف خشية من الله أن نتصرف في ماله بغير إذنه.

الصفحة 8