كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 7)

• وجه الدلالة: من أجل ذلك يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه أربع مرات كما نصت على ذلك الأحاديث السابقة (¬1).
ما روي عن أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- أنه قال: "أتى رجل من الأسلميين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في المسجد، فقال: يا رسول اللَّه، إني زنيت. فأعرض عنه، فتنحى تلقاء وجهه، فقال: يا رسول اللَّه، إني زنيت. فأعرض عنه، فتنحى تلقاء وجهه، فقال: يا رسول اللَّه، إني زنيت. فأعرض عنه، حتى ثنى ذلك أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أبك جنون؟ . قال: لا. قال: فهل أحصنت؟ . قال: نعم. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ارجموه".
• وجه الدلالة: لو وجب الحد بمرة، لم يعرض عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه لا يجوز ترك حد وجب للَّه تعالى (¬2). فلو كان الإقرار مرة مظهرًا للحد لما أخره رسول اللَّه إلى الأربع، لأن الحد بعد ما ظهر وجوبه للإمام لا يحتمل التأخير (¬3).
ما روي عن سليمانَ بنِ بُرَيْدَةَ عن أبيه -رضي اللَّه عنهما- قالَ: جاءَ ماعزُ بنُ مالكٍ -رضي اللَّه عنه- إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالَ: يا رسولَ اللَّه طَهِّرْنِي، فقالَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَيْحَكَ ارْجِعْ فاسْتَغْفِرِ اللَّه وتُبْ إليهِ"، فَرَجَعَ غيرَ بعيدٍ، ثم جاءَ فقالَ: يا رسولَ اللَّه طَهِّرْنِي، فقالَ لهُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارْجِعْ فاسْتَغْفِرِ اللَّه وتُبْ إليهِ"، فَرَجَعَ غيرَ بعيدٍ، ثم جاءَ فقالَ: يا رسولَ اللَّه طَهِّرْنِي، فقالَ لَهُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مثلَ ذلكَ، حتَّى إذَا كانتِ الرابعةُ قالَ لهُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مِمَّ أُطَهِّرُكَ"، قالَ: مِنَ الزِّنَا، فَسَأَلَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبِهِ جنونٌ"، فأُخْبِرَ أنهُ ليسَ بمجنونٍ، فقالَ:
¬__________
(¬1) المنتقى شرح الموطأ (7/ 143).
(¬2) المغني (9/ 64).
(¬3) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 74).

الصفحة 555