كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 7)

ثم قيَّده وأسقاهُ دواءً مُسَهِّلًا وأركبَه على جمل (¬1)، وأوثقَ معه خنزيرةً، فجعلَ ابنُ مُفَرِّغ يسلحُ (¬2)، والخنزيرة تصيح من شدَّة وَثاقها، وابنُ مُفَرِّغ يقول:
ضَجَّتْ أميةُ لَمَّا مَسَّها القَرَنُ (¬3)
وقيل لابن زياد: لِمَ اخْتَرتَ له هذا التأديب؟ فقال: لأنه سَلَحَ علينا، فقابلناه بمثل ما فعل بنا.
ثم بعث به عُبيد الله إلى أخيه عبَّاد بسجستان، فكلَّمت اليمانيةُ معاويةَ فيه بالشام (¬4)، فبعث رسولًا إلى عبَّاد يأمرُه بحمله إليه، فأرسلَ به إليه.
فلما دخلَ على معاوية؛ بكى وقال: ارتكبَ [ابنُ] (¬5) زياد منّي ما لم يركب من مسلم. فقال له معاوية: ألستَ القائلَ كذا وكذا؟ ثم قال له معاوية: اذهب، فقد عفَوْنا عنك، فانظر أيَّ أرضٍ شئتَ.
فنزل الموصل، فأقام بها، ثم عاد إلى البصرة، ودخل على عُبيد الله فأمَّنَه (¬6).
وفيها غزا الصائفةَ عَمرو بنُ مُرَّة بن عَبْس الجُهَنيُّ.
وكنيتُه أبو طلحة، وقيل: أبو مريم الأسديّ.
ذكره ابنُ سعد فيمن نزلَ الشامَ من الصحابة من قُضاعة؛ قال: وكان شيخًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬7).
¬__________
(¬1) في "أنساب الأشراف" 4/ 418، و"تاريخ الطبري" 5/ 318: على حمار.
(¬2) أي: يُخرج ما في بطنه.
(¬3) في "الأغاني" 18/ 264: ضجَّتْ سمية لما لَزَّها قَرَني. وعجز البيت فيه: لا تجزعي إن شرَّ الشيمةِ الجَزَعُ.
والقَرَن: الحبل الذي يُقرن به البعيران.
(¬4) في الخبر تفصيل، فذكر أبو الفَرَج في "الأغاني" 18/ 270 أنه طال حبسُ ابنِ مُفرِّغ، فاستأجر رسولًا إلى دمشق ليقرأ على الناس بيتين من الشعر على درج الجامع يوم الجمعة يستثير بهما اليمانية، ففعل الرسول ما أمره به، فحميت اليمانبة، ودخلوا على معاوية غضابًا، وسألوه فيه. . .
(¬5) لفظة "ابن" بين حاصرتين من عندي، لصحة السياق.
(¬6) ينظر الخبر مطولًا في "أنساب الأشراف" 4/ 414 - 419، و"تاريخ الطبري" 5/ 317 - 321، و"الأغاني" 18/ 262 - 272.
(¬7) طبقات ابن سعد 9/ 416، وتاريخ دمشق" 55/ 419 (طبعة مجمع دمشق).

الصفحة 444