كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 7)

وروى ابن سعد (¬1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخَّر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره، فجاء غلام أسود أفطس، فقال أهل اليمن: إنما حُبسنا من أجل هذا!
قال يزيد بن هارون: فلذلك ارْتَدُّوا في زمن أبي بكر - رضي الله عنه -؛ لاستخفافهم بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
[وقد ذكرنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حجَّ أردفَ أسامةَ خلفَه، ولما دخل يوم الفتح مكةَ كان رَدِيفَه] (¬2).
وبلغت النخلةُ على عهد عثمان بن عفَّان رضي الله عنه (¬3) ألفَ درهم، فاشتهَتْ عليه أُمُّهُ جُمَّارًا (¬4)، فاشترى نخلةً بألف درهم، فنقَرَها، وأخرجَ ما فيها من الجُمَّار، فأطعمَه أُمَّه، فقيل له في ذلك، فقال: إنَّ أمِّي سألَتْني إيَّاها، ولا تسألُني شيئًا أقدرُ عليه إلا أعطيتُها إيَّاه.
وقالت عائشة رضوان الله عليها: إن قُريشًا أهمَّهم أمرُ المخزومية التي سرقت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: من يُكلِّمُ فيها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: ومَنْ يجترئُ عليه إلا أسامةُ بنُ زيد حِبُّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فكلَّمه أسامة، فقال: "أتَشْفَعُ في حدٍّ من حدود الله؟ ! ". ثم قام فخطب وقال: "إنَّما هَلَكَ مَنْ هَلَكَ قبلَكم؛ كانوا إذا سرقَ فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرقَ فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ، وايمُ الله، لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمد سَرَقَتْ لقَطَعْتُ يدَها". متفق عليه (¬5).
[وإنما كان من أمرها أنها تستعيرُ المتاع وتجحدُه، وكانت كذلك في غَزاة الفتح.
وروى جابر أنها استعاذت بأمّ سلمة.
قالت عائشة: ثم تابت وحسُنَتْ توبتُها، وتزوَّجت، فكنت أرفعُ حاجتَها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد (¬6).
¬__________
(¬1) في "الطبقات" 4/ 59.
(¬2) ينظر "الطبقات" 4/ 59. وما بين حاصرتين من (م).
(¬3) في (ب) و (خ): على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو خطأ. والخبر في "طبقات" ابن سعد 4/ 65، و"المعجم الكبير" للطبراني (370). ولم يرد في (م).
(¬4) واحدتُه جُمَّارَة، وهي شحمة النخل التي في قمة رأسه. ينظر "لسان العرب" (جمر).
(¬5) صحيح البخاري (3475) (6788)، وصحيح مسلم (1688). وينظر "طبقات" ابن سعد 4/ 64.
(¬6) ينظر "صحيح" مسلم (1688) (1689). وهذا الكلام بين حاصرتين من (م).

الصفحة 448