وقول ابن سلام (¬1): يا رسول الله، أَحضِر اليهودَ، فإنَّهم قَوْمٌ بُهْتٌ، فلما حضروا تركه في مَخْدَعٍ وقال لهم: "ما تقولون في ابنِ سلام؟ " فقالوا: سيِّدُنا وابنُ سيِّدِنا، وعالمُنا وابنُ عالِمِنا، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَرأيتُم إِن أسْلَم، أَتُسْلمون؟ " قالوا: نُعيذُه بالله من ذلك، فخرج ابنُ سلام وهو يقول: أَشهدُ أنك رسولُ الله، وأنَّهم يعلمون منك ما أَعلمُ، فخرجوا، وأنزل الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأحقاف: 10] (¬2).
وقال مجاهد: الشاهدُ عبد الله بن سلام، والهاء في قوله: على مثله، ترجعُ إلى القُرآن (¬3).
وقال ابن سعد بإسناده عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حَزْم قال: لَمَّا سمع عبد الله بنُ سلام ما نَزَلَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من القرآن، وعرف صفةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عنده، وعرف ما نزل عليه من القرآن بما عنده من التوراةِ، وكان أعلَم بني إسرائيل بالتوراة، وأَصدَقَه عندهم، فأسلم وثبت على إسلامه حتى مات (¬4).
وحكى ابن سعد أيضًا عن جابر بن زيد عن مجاهد وعطاء وعكرمةَ في قوله {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ}: قالوا: عبد الله بن سلام.
قال: قال الحسنُ بن مسلم: نزلت هذه بمكَّة وعبد الله بن سلام بالمدينة مُسْلِم.
وقال مجاهد في قوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43] قال: هو عبد الله بن سلام.
وروى ابن سعد بإسناده إلى عطية العَوْفيِّ قال في قوله تعالى: {أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 197]: كانوا خمسة: عبد الله بن سلام، وابن يامين (¬5)، وثعلبة، وأسد، وأسيد.
¬__________
(¬1) قبلها في (م): وذكر ابن سعد قصة إسلام عبد الله بن سلام وقول ابن سلام ... ولم يرد في هذه النسخة (م) من قوله: وما جرى له مع اليهود (في الصفحة السابقة) ... إلى نهاية حديث أحمد قبله.
(¬2) أخرجه مطولًا أحمد (23984) من حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه - وأخرجه أيضًا ابن سعد 5/ 378 - 379 وأحمد (12057) والبخاري (3329) من حديث أنس - رضي الله عنه - مطولًا، دون ذكر نزول الآية.
(¬3) طبقات ابن سعد 5/ 382، بنحوه.
(¬4) المصدر السابق وما بعده منه. ولفظ العبارة الأخيرة فيه: وكان صحيح الإسلام حتى مات.
(¬5) في "الطبقات" 5/ 382 بنيامين.