كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 7)

ثم وَليَ المُقتفي، ثم المستنجد (¬1)، ثم المُستضيء، ثم الناصر، ثم الظاهر، ثم المستنصر، وهو السادسُ، ولم يُخلع ولم يُقْتَلْ، وقيل: إنه سُمَّ، فهلك بسبب [ذلك] (¬2).
وحكى الزُّهريُّ عن أشياخه قال (¬3): ولَمَّا بايع أَهلُ العراق الحسنَ؛ طَفِق يقول: أَشترطُ عليكم أنكم سامعون مطيعون؛ تُسالمون مَنْ سالمتُ، وتُحاربون من حارَبْتُ.
فارتابَ الناسُ لَمَّا سمعوا منه هذا، وقالوا: ليس هذا من رجالِ الحَرْب.
ثم لم يلبث الحسنُ إلا قليلًا حتى طعنوه، فنفر منهم، وبعث إلى معاوية واتفقا على يد ابنِ عامر وسَمُرةَ على ما بيَّنَّا.
ثم خرج الحسنُ من المدائن، وسار معاوية من الشام، فالتقيا بمَسْكِن -بكسر الكاف من أَرضِ العراقِ على نهر دُجَيل قريبًا من أَوانا عند دَير الجاثَلِيق (¬4)، وفي هذا المكان قُتل مصعب بن الزبير، فاجتمعا به- وسلَّم الحسنُ إليه الأَمرَ، وذلك لخمسٍ بقين من ربيعِ الأَوَّلِ سنةَ إِحدى وأَربعين، ويُسمَّى عامَ الجماعة، فكانت خلافتُه ستَّة أَشهرٍ إلا أَيَّامًا.
وقال الموفَّقُ رحمه الله (¬5) في ترجمةِ الحسنِ بعد أَن أَثنى عليه ثناءً كثيرًا، ثم قال: لَمَّا توفي عليٌّ - رضي الله عنه -، بايع الحسنَ أَكثرُ من أَربعين أَلفًا، وكانوا أَطوعَ له وأحبَّ له منهم
¬__________
(¬1) من قوله: ثم الراشد ... إلى هذا الموضع، ليس في (م).
(¬2) ما بين حاصرتين زيادة لضرورة السياق. ووقع في (م) بعد قوله: بسبب، ما صورتُه: صح. نقلوه في الأصل.
ومن قوله: قلتُ: ومن العجائب ... إلى كلامه عن الراشد، هو من كلام ابن الجوزي في "المنتظم" 17/ 332 وقد نقل بعضه عن الصُّولي، ونقله أيضًا ابن الأثير في "الكامل" 11/ 64، والذهبي في "تاريخ الإسلام" 11/ 584، وابن كثير في "البداية والنهاية" 12/ 213 (طبعة مكتبة المعارف) والقلقشندي في "صبح الأعشى" 1/ 443. وقد تعقَّبه الذهبي بأن هذا الكلام منخرم بأشياء، وذكرها، وقال: فلا يستقيم ما ادَّعاه، وليس الخَلْع مقتصرًا على كل سادس. (وقد أشار المصنف أثناء كلامه إلى نحو هذا). وتعقَّبه أيضًا ابن الأثير ثم قال: والصُّولي إنما ذكر إلى أيام المقتدر بالله، ومن بعده ذكره غيره. وينظر" تلقيح فهوم أهل الأثر" ص 84 - 99، و "تاريخ الخلفاء" ص 20 - 21.
(¬3) الخبر في "تاريخ" الطبري 5/ 162 من كلام الزُّهري.
(¬4) دَير الجاثَلِيق: دير قديم البناء قرب بغداد، غربي دجلة، وأوانا بُليدة من نواحي دُجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ، من جهة تكريت، ينظر "معجم البلدان" 1/ 274، 2/ 503.
(¬5) في "التبيين في أنساب القرشيين" ص 127.

الصفحة 8