كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 7)

2886 - وبإسناده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أصبح أحدكم يومًا صائمًا فلا يرفث (¬1) ولا يجهل فإن امرؤ شاتمه، أو قاتله (¬2)، فليقل: إني صائم، إني صائم" (¬3).
قال أبو عوانة: يقال: معنى قوله: "الصوم لي وأنا أجزي به" هو (¬4) أني أتولى ثوابه، إذ الصوم ليس يظهر من الصائم بحركة ولا فعل فَيَكْتُبه
-[326]- حفظتُه (¬5)، وإنما هو صبرٌ عن الطعام والشراب، والله يقول: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} (¬6)، فهذا ثواب لا يحصى (¬7).
وسمعت يوسف بن سعيد بن مسلَّم المصيصي يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري (¬8)، يقول: قال لي أبو سليمان (¬9): يا أحمد أيكون شيئًا (¬10) أعظم ثوابًا من الصبر؟ قال: قلت: نعم، الرضا عن الله. قال: ويحك!
-[327]- إذا كان الله تبارك وتعالى يُوَفِّي الصابرين أجرهم بغير حساب فانظر ما يفعل بالراضي عنه.
¬_________
(¬1) (م 2/ 88 / أ).
(¬2) قوله: (أو قاتله) ساقط من (م).
(¬3) أخرجه مسلم (الصحيح: 2/ 806) كتاب الصيام -باب حفظ اللسان- ح 1151/ 160، بمثل لفظ المصنف، من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري (الصحيح مع الفتح: 40/ 125) كتاب الصيام -باب فضل الصوم- ح 1894 - مطولًا، من طريق مالك، كلاهما: عن أبي الزناد به.
(¬4) في الأصل، و (م): "هي"، والصواب المثبت.
(¬5) في الأصل، و (م): "حفظتها"، وضبب عليها في الأصل، والصواب المثبت.
(¬6) سورة الزمر، الآية (10).
(¬7) القائل بهذا التفسير أبو عبيد القاسم بن سلام ذكره في كتابه غريب الحديث (1/ 195) وقرره وقال: "هذا عندي -والله أعلم- وجه الحديث".
ثم عزا إلى ابن عيينة أنه فسره فقال: "لأن الصوم هو الصبر، يصبر الإنسان عن المطعم والمشرب والنكاح، ثم قرأ الآية {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} فالصبر ليس له حساب يعلم من كثرته. . .".
وقد اختلف في المراد بقوله تعالى: "إلا الصوم لي وأنا أجزي به" على نحو عشرة أقوال، أطال الحافظ ابن حجر في بيانها، ثم قوى أربعة منها أحدها ما ذكره أبو عوانة رحمه الله. انظر: فتح الباري (4/ 129 - 132).
(¬8) أحمد بن عبد الله بن ميمون الحارثي التَّغْلِبي -بفتح المثناة، وسكون المعجمة، وكسر اللام- يكنى أبا الحسن، والحواري -بفتح المهملة، والواو الخفيفة، وكسر الراء- من الثقات الزهاد. انظر: تهذيب الكمال (1/ 378)، تقريب (61).
(¬9) عبد الرحمن بن أحمد بن عطية الداراني، زاهد عصره. انظر: حلية الأولياء (9/ 254)، السير (10/ 182)، الروضة الرّيّا فيمن دفن بداريا ص 80 - 90.
(¬10) هكذا في الأصل ونسخة (م)، والظاهر أنه شيءٌ، بالرفع على أنه اسم "يكون".

الصفحة 325