كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 7)

والد اليتيم؟ وأيضًا فإن القاضي الذي قدم ناظرًا لليتيم لو مات لم يكن موته عزلًا لذلك الناظر.
قُلتُ: في كلامه هذا تنافٍ، بيانه أنه نقل أولا القول بأن ناظر اليتيم نائب عنه القاضي لا عن الأب، ولازم هذا انعزال الناظر بموت القاضي، ثم قال على وجه الاستدلال: بأنه لو مات القاضي لم ينعزل الناظر، وظاهره اتفاقًا وهو خلاف لازم كونه نائبًا عن القاضي لا عن الأب، ولازم هذا انعزال الناظر بموت القاضي، والقول بانعزال ناظر اليتيم بموت القاضي ثابت في المذهب حسبما يذكر في كتاب الأقضية إن شاء الله تعالى، وبعد الإعراض عن هذا التنافي فالذي يتحصل من كلامه فرقًا مانعًا من التخريج كما زعم هو أن ناظر القاضي نائب عنه في قولٍ، ووكيل الوكيل نائب عن الموكل لا عن الوكيل، وهذا يرد بمنع انحصار نيابة وكيل الموكل عن الموكل؛ لأن الوكيل له عزل وكيله واستقلاله بفعل نفسه اتفاقًا، ولو لم يكن نائبًا عنه لما صح عزله عنه.
ويفرق بأن نيابة القاضي عن الأب أضعف من نيابة الوكيل عن موكله؛ لأن نيابة القاضي عن الأب إنما هي بأمر أعم وهو ولايته الصالحة له ولغيره فهو بالنسبة إليه كدلالة العام على بعض أفراده، ونيابة الوكيل عن الموكل إنما هي بتوليته إياه بعينه فهي كدلالة الخاص على نفس مدلوله وهي أقوى من دلالة العام اتفاقًا، ولا يلزم من نقض أثر الأضعف نقض أثر الأقوى.
والمعروف انعزال الوكيل بعلمه بموت موكله:
ونقل اللخمي والمازري وابن رُشْد وغيرهم من مُطَرَّف: لا ينعزل به إلا بقيد كونه مفوضًا إليه.
ونقل ابن شاس وابن حارث عنه بقيد: كونه مفوضًا إليه، وعزاه ابن رُشْد في سماع سَحنون لابن الماجِشُون: وطرف مطلقًا لا بقيد تفويض، وكذا في المقدمات قال فيها: ولأَصْبَغ ينعزل بموته إن كان هو البائع ولا يقبض الثمن إلا بتوكيل الوارث، وإن كان الوكيل ولي البيع فهو على وكالته حتى يعزله الوارث.
قُلتُ: فالأقوال أربعة: المعروف، والنقلان عن مُطَرِّف، وقول أَصْبَغ.

الصفحة 103