كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 7)

قال ابن رُشْد: وقول محمد أجمع أصحاب مالك على انعزاله بعلمه بعزله أو موت موكله غير صحيح، ثم قال: ولم أعلمهم اختلفوا أن القاضي لا ينعزل بموت الإمام الذي قدمه، فانظر الفرق بينهما.
قُلتُ: الفرق عظم المفسدة بعزله بموته لعموم متعلق نيابته في أمور المسلمين، ولأنها في تغيير منكر؛ لأنها في رد ظلم الظالم عن المظلوم، وقاله عز الدين بن عبد السلام، وبأن الإمام إنما قدمه نائبًا عن المسلمين في حقهم لا عن نفسه في حقه، وفي تقرر انعزاله بنفس عزله أو موت موكله أو مع علمه ذلك ولو في حق مدين موكله، ثالثها: بعلمه فقط في حقه وفي حق المدين بعلمه، ورابعها: بنفس الموت فيه وبعلمه في العزل لابن رُشْد عن ابن القاسم في كتاب الشركة قائلًا: عليه حمله التونسي والشُيُوخ مع اللخمي عن ظاهر المذهب قائلًا عن ابن المنذر: الإجماع عليه، وابن رُشْد عن سماع سَحنون أشهب في المقدمات عن قول مالك: أول وكالتها مع ابن القاسم في الشريكين يفترقان فيقضي الغريم أجرهما إن علم افتراقهما، ضمن حظ من لم يدفع له ورجع على من دفع له بما غرم للغائب وإن لم يعلم لم يصحبه، ورواية اللخمي: وفي إجراء الخلاف على اختلافهم في اعتبار النسخ يوم نزوله أو بلاغه، ومنعه بالتفرقة بأنه لا يلزم من كونه يوم البلاغ في الحكم الشرعي كونه كذلك في فعل الوكيل؛ لأن الحكم السابق لا يجوز للمكلف ترك العمل به، وأمر الموكل جائزٌ للوكيل تركه، فجاز توجه الحكم الشرعي عليه بالنهي قبل بلوغه نقلًا.
المازري: وأخذ ابن رُشْد في المقدمات قول أشهب من قوله: إن علم الوكيل عزله دون المدين غرم بخلاف إن لم يعلمًا.
فإن قيل: قد ضمنه إن علم ولم يعلم الموكل الوكيل، قيل: إنه معزول في حقهما معًا بعلم أحدهما، قلنا لا نقوله ولا يصح؛ لأنه إنما ضمنه إن دفع وهو عالم والوكيل جاهل لتعديه بالدفع لا؛ لأن الوكالة انفسخت في حق الوكيل ألا ترى أنه لا يرجع على الوكيل إن تلف المال بيده لبقاء الوكالة في حقه فهو أمانة عنده، ولو انعزل بعلم لوجب الرجوع عليه بما غرم لرب الدين، وفي المسألة تأويلات كثيرة، جعل بعضهم قول ابن القاسم في كتاب الشركة كقول أشهب، فيتأول قوله على أن الوكيل علم بعزله ويجعل

الصفحة 104