كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 7)
ابن رُشْد: هذا كما لا يجوز للرجل توكيل وكيلين يخاصمان عنه إن غاب أحدهما خاصم له الآخر، ولذاك لم يكن لمن قاعد خصمه أن يوكل غيره إلا لعوز مرضٍ أو سفرٍ أو إساءة خصمه له فيحلف لا خاصمه أو يظهر من وكيله ميلٌ لخصمه ولا خلاف في هذا.
قُلتُ: ففي منع العزل بمجرد انتشاب الخصام أو بمقاعدته ثلاثًا، ثالثها بمقاعدته مقاعدةً يثبت فيها الحجج، ورابعها: ما لم يشرف على تمام الحكم، وخامسها: على الحكم لابن رُشْد مع اللخمي والمتيطي عن المذهب، وله عن أحد قولي أَصْبَغ وعن ثانيهما ومحمد.
المتيطي وابن الهندي: ولإعذار إلى الموكل من تمام الوكيل وإن لم يعذر إليه جاز.
ابن عات: لأن الشأن في القديم الإعذار ثم ترك.
قال: ويعذر أيضًا في الموت والوراثة.
ابن مالك: لا بد من الإعذار للموكل؛ لأن الوكيل يقر على موكله ويلزمه.
ابن بشير: إنما ترك الإعذار في الوكالة والموت؛ لأنه لابد أن يعزو إليه في آخر الأمر.
قال أبو الأَصْبَغ: هذه نكتة حسنة إذ لا بد للقاضي أن يقول للخصمين أبقيت لكما حجة، وفي أحكام ابن زياد: فيمن طلب أن يعذر إليه في توكيل خصمه السيرة أن يثبت التوكيل ثم ينظر في الطلب.
وعقد الوكالة غير لازم للموكل مطلقًا في غير الخصام والوكيل مخير في قبولها، فغن تأخر قبوله عن علمه بها، فقال المارزي: يتخرج على قولي مالك في قبول المرأة التمليك بعد انقضاء المجلس، وخرجه بعض أشياخي الفقهاء على خلاف الأصوليين في فور الأمر وتراخيه، فذكرته لإمامي في الأصول فلم يقبله، وقال: الأولى جريه على خلاف الأصوليين في ثبوت العموم في المعاني ونفيه؛ لأن قوله أقر لك بيدك لا زمن فيه بصيغة تتناوله، ومن حيث لم يقيد الخطاب بزمن حمل على العموم وعلى طريقة هذين الشَّيخين يتصور الخلاف في الوكالة، والتحقيق الرجوع لاعتبار القصد والعوائد في اقتضاء الجواب عاجلًا أو ولو مؤخرًا.
الصفحة 108
528