كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 7)

كأنه فعله فتخرج نيابة إمام الطاعة أميرا أو قاضيا أو إمام الصلاة لعدم لحوق فعل النائب في الصلاة الجاعل، والوصية للحوق حكم فاعله غير الجاعل.
وقول ابن الحاجب: هي نيابة فيما لا تتعين فيه المباشرة يبطل طرده بما ذكر خروجه وأداء واجب عن الغير لا بأمره كقضاء دين عنه بغير أمره ونحوه، وأبطله ابن هارون بالنيابة في المعاصي كالسرقة والغضب وقتل العدوان، وعزه في ذلك قول ابن شاس: لا تصح في المعاصي كالسرقة وقتل العمد العدوان، ويرد بمنع صادقية النيابة على ذلك؛ لأن الاستقراء والاستعمال يدل على أن شرط النيابة استحقاق فاعلها فعل ما وقعت النيابة فيه، وبأنه إن جعل الإنسان غيره فاعلا أمرا إن كان يمتنع أن يباشره أو لا حق له في مباشرته فهو أمر، وإن صحت مباشرته وكان له فيها حق فهو نيابة، فجعل الإنسان غيره يقتل رجلا عمدا عدوانا هو أمر لا نيابة، وجعله يقتل قصاصا له نيابة ووكالة.
وقال ابن عبد السلام: ظاهر لفظه أنه سلك به مسلك الرسوم كعادته في أوائل الكتاب، والأقرب أنه لم يرد هذا، وأن معنى الوكالة وهو جلي وهو النيابة لا تحتاج إلا تفسير اللفظ فقط لا إلى حد ولا رسم، وإنما يحتاج إلى محل الوكالة فيكون مقصده بيان ما يصح فيه الوكالة؛ ولذا قال الجوهري: والوكيل معروف.
قلت: قوله أولا: ظاهره أنه رسم مناقض لقوله ثانيا: الأقرب أنه لم يرده؛ لأن الظاهر أقرب للفهم من ظاهره، فجعل نقيضه أقرب يناقصه.
وقوله: لا يحتاج إلا إلى تفسير اللفظ باللفظ نص منه في تعريف لفظي، وحمله على ذلك لا ينجيه من التعقب؛ لأن شرط التعريف اللفظي اتحاد مدلول اللفظين وهما هنا متغايران؛ لأن مدلول النيابة أعم من مدلول الوكالة لصدق النيابة على ما لا تصدق عليه الوكالة، فإن النيابة تصدق على نيابة إمام الطاعة فيما ذكرناه وعلى الوصية، ولا تصدق الوكالة على شيء من ذلك، فصار ذلك كمن عرف القمح التعريف اللفظي بقوله: هو الحب المأكول.
وحكمها لذاتها الجواز، ورواه أبو داود عن جابر بن عبد الله قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسلمت عليه وقلت: أردت الخروج إلى خيبر، فقال "إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فإن ابتغى منك آية فضع يدك على

الصفحة 57