كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 7)

بتوكيل من ليس بينه، وبين الموكل عليه عداوة لما نهى عنه عن الضرر والإضرار.
وتشمل الوكالة على البيع والشراء لوازمها العرفية في نكاحها الأول؛ لأن وكيل البيع له قبض الثمن وإن لم يؤمر بذلك، وليس للمبتاع أن يأبى ذلك عليه.
ابن شاس: والوكيل بالشراء يملك قبض المبيع، وتبعه ابن الحاجب، وقبله ابن هارون وابن عبد السلام، وفي قبوله مطلقًا نظر، ومقتضى المذهب عندي التفصيل، فحيث يجب عليه دفع الثمن يجب له قبض المبيع، وحيث لا يجب لا يجب لنكتة التي فرقوا فيها بين وجوب قبض الوكيل ثمن ما باعه وعدم صحة قبض ولي الثيب نقد وليته دون توكيل عليه، فإنه في البيع هو مسلم البيع لمبتاعه، وليس الولي كذلك في النكاح وشراؤه معيبًا تعديًا عداء إلا ما يغتفر عرفًا.
فيها: إن أمرته بشراء سلعة فابتاعها معيبة تعمدًا، فإن كان عيبًا خفيفًا يغتفر مثله، وقد يكون شراؤه بها فرصة لزمتك، وإن كان عيبًا مفسدًا لم يلزمك إلا أن تشاء وهي لازمة للمأمور.
قلت: انظر لو كان العيب خفيًا مغتفرًا باعتبار حال عموم الناس وحال الآمر لا يقتضي اغتفاره هل يلزم الآمر أم لا؟ والأظهر أنه يتخرج على القولين في أول كتاب الغصب في أثر العداء إذا كان يسيرًا بالنسبة إلى عموم الناس، وغير يسير بالنسبة إلى حال المتعدي عليه، هل يحكم عليه بحكم اليسير أو الكثير؟ وعبر عن هذا ابن الحاجب بقوله: فإن علم بالعيب كان له، ولا رد إلا في اليسير.
قلت: استثناؤه القائل إلا في اليسير يستحيل رده لمنطوق ما قبله، وإنما يستقيم برده لمحذوف تقديره: ولا يلزم الآمر، ومثل هذا الحذف لا ينبغي في إلقاء المسائل العلمية مع يسر العبارة عنه بقوله: فإن علم بالعيب لزمه كالآمر إلا في اليسير.
وفيها: لو عينه الآمر فلا رد للمأمور بعيبه، وإن لم يعينه فقولا أشهب: قائل للآمر أخذها بعد ردها المأمور، فإن ماتت ضمنها، وابن القاسم قائلًا: ليس له ردها أن العهدة له دون الآمر لكن لمخالفة الصفة وقد أمكنه الرد، وهذا في وكيل مخصوص والمفوض له جائز رده، وإقالته على الاجتهاد دون محاباة، وفي تعليق أبي عمران: هو إن ردها ضمن عند أشهب، وإن لم يردها ضمن عند ابن القاسم، فالحيلة في الخلاص من

الصفحة 89