كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 7)

الوكيل شيء بنكوله؛ لأنه بحلفه أختار فسخ البيع على إمضائه بيمين المشتري ويضمن الرسول العشرة، وكذا إن حلف المشتري والرسول وانفسخ البيع لم يجب على الرسول شيء؛ لأن الإشهاد لا يجب عليه إلا عند دفع السلعة؛ لأنه إن لو قال بعته بخمسين فأنكر المشتري الشراء وحلف لم يجب على الوكيل شيء، ولو دفع العبد فجحد الثمن وأنكر، قبض العبد وحلف، ضمن الرسول الخمسين لا قيمة العبد، كذا قال في المدَوَّنة: يضمن الثمن، ووجهه أن الإشهاد بالثمن إنما يجب عند دفع العبد، وإن لم يحلف واحد منهما حلف المشتري وثبت قوله على ما قال في السماع، وتبع الآمر الوكيل بالعشرة التي أتلف بنكوله، رواه محمد، وكذا لو فات العبد عند المشتري وحلف لغرم الوكيل العشرة، رواه محمد أيضاً، ولم يتكلم في السماع إن نكل المشتري بعد نكول الرسول.
وقال فيه ابن حبيب: يلزمه البيع، يريد: بما قاله الوكيل، كقوله: إن نكل المتبايعان فالقول قول البائع، وقول أبي بكر بن محمد: إن نكل المشتري بعد نكول الوكيل غرم ما قال الرسول، بخلاف المتبايعين لا يصح بوجه، ولا فرق بينهما وبين المتبايعين ففي نكولهما القولان كالمتبايعين، وذكر كلاماً تقدم في اختلاف المتبايعين.
وفي الوديعة منها: أن أمر من باع ثوباً من رجل بدفعه ثمنه لمن يأتيه به فقال: قبضته وتلف، لم يبر دافعه إلا ببينة على دفعه.
قُلتُ: ما الفرق بينه وبين قول مالك: فيمن بعث بمال لرجل فقال: قبضته وتلف، قال: ليس ما في الذمة كالأمانة.
وسمع عيسى ابن القاسم: إن قال من أمر بدفع ثوب لصباغ دفعته له، فأكذبه الصباغ فالمأمور ضامن ولو صدق، وقال: ضاع وهو عديم، ضمنه الصباغ ولا شيء على المأمور.
ابن رُشْد: إن أكذبه ضمن اتفاقاً لتعديه إذ لم يشهد، ولو كان مفوضاً إليه، وقول بعض أهل النظر: معنى المسألة أنه أمره بدفه لصباغ معين، ولو كان غير معين صدق مع يمينه، وإن أنكر القابض كالمساكين الذين لا يلزمه الإشهاد عليهم، ويصدق في الدفع إليهم غير صحيح والإشهاد لازم له في المعين وغيره.

الصفحة 96