كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل كما رأيتموني فعلت. وأحسن ما قيل في الجمع أن النهي للتنزيه، وفِعْلُه - صلى الله عليه وسلم - ذلك لبيان الجواز، فلا يكون مكروهًا، بل هو واجب لتبيين حكم شرعي، وقد جاء مثل هذا في أحكام كثيرة، فقد يفعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة أو مرتين على حسب ما يقتضيه الحال من البيان، ويواظب على الأفضل فيستحب لمن شرب قائمًا التقيؤ للحديث الصحيح [الوارد] (أ) في ذلك سواء كان عامدًا أو ناسيًا، ولا وجه لقول عياض: إنه لا خلاف بين أهل العلم أن مَن شرب ناسيًا ليس عليه أن يتقيأ. فإن هذا على وجه (ب) الاستحباب لا الوجوب، وفي كلامه مغالطة بما يفهم أن ذلك واجب، فإن الأمر إذا وجدت قرينة تصرفه عن الوجوب إلى الندب صح ذلك. وذِكْرُ الناسي في الحديث محمول على ما هو الأولى بالعاقل، أنه إذا وقع منه ذلك نادرًا فلا يكون إلا على جهة النسيان لا العمد، وإلا فالعامد كالناسي.
ومن المكروهات الشرب من ثُلْمَة القدح، وهو موضع الكسر منه. وقد أخرج أبو داود (¬1) من حديث أبي سعيد الخدري: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب من ثُلْمَة القدح، وأن ينفخ في الشراب. وعلة النهي أنها لا تتماسك عليها شفة الشارب، فإذا شرب منها تصبب الماء على وجهه وثوبه، أو لأنه يجتمع فيها الوسخ (جـ).
¬__________
(أ) ساقطة من: الأصل.
(ب) في جـ: جهة.
(جـ) زاد في جـ: وقد جاء في بعض ألفاظ الحديث أنه مقعد الشيطان ولعل ... من إيذاء الشيطان وتلعبه.
__________
(¬1) أبو داود، 3/ 336 ح 3722.

الصفحة 337