كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

مَنْ تَشَاءُ} (¬1) الآية. وقال: أباح الله له أن يترك التسوية والقسم بين أزواجه، حتى إنه ليؤخر من يشاء منهن عن نوبتها، ويطأ من يشاء في غير نوبتها، وجعل ذلك من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، فجعل الضمير في قوله: {مِنْهُنَّ}. عائدًا إلى أزواجه اللاتي أمر بتخييرهن، وذهب إليه أبو سعيد الإصطخري من الشافعية، وصرح به الإمام المهدي في "البحر"، وجعله لنفسه ولم ينسبه إلى أحد، واحتج بالآية، والظاهر من قول سائر الأئمة أن ذلك واجب عليه.
وقوله: ويعدل. فيه دلالة على أن خلاف التسوية من الجور.
وقوله: "فيما أملك". وهو عمل الجوارح من المبيت مع كل واحدة نوبتها.
وقوله: "فلا تلمني فيما تملك ولا أملك". قال الترمذي: يعني به الحب والمودة. كذا فسره أهل العلم. انتهى.
فيه دلالة على أن عمل القلب لا يستطع الإنسان عليه، وأن الله سبحانه وتعالى واهب ذلك وسالبه، وأن العبد لا يملك ذلك، وقد فسر بمثل هذا قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} (¬2). والله سبحانه أعلم.

874 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن
¬__________
(¬1) الآية 51 من سورة الأحزاب.
(¬2) الآية 24 من سورة الأنفال.

الصفحة 340