كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

قوله: إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه. المراد القرعة بينهن لتعيين مَن يسافر بها منهن، وليست القرعة مختصة بحالِ السفر، بل إذا أراد القسْم بين زوجاته فعليه القرعة في البداية بأيهن إلا أن يرضين بشيء، جاز بلا قرعة.
وظاهر الحديث وجوب القرعة في السفر وقد ذهب إليه الشافعي، وذهبت الهدوية إلى أن له السفرَ بمن شاء، ولا تجب القرعة، ووجهه أنه لا يجب عليه القَسْم في السفر، ويحملون الحديث أن ذلك لمكارمِ أخلاقه وحُسن شمائله في رعاية حقِّ الزوجات - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجب القضاء لغير من سافر بها. وقال أبو حنيفة: يجب القضاء سواء كان سفره بقرعةٍ أو بغير قرعةٍ. وقال الشافعي: إن كان بقرعة لم يجب القضاء، وإن كان بغير قرعة وجب عليه القضاء.
وأخرج ابن سعد (¬1) حديث عائشة المذكور وزاد فيه: فكان إذا خرج سهم غيري عرف فيه الكراهية. واستدل به على مشروعية القُرعة في القِسْمة بين الشُّركاء وغير ذلك، والمشهور عن الحنفية والمالكية عدم اعتبار القرعة، قال عياض (¬2): هو مشهور عن مالك وأصحابه؛ لأنها من باب الخطَر والقمار، وحكي عن الحنفية إجازتها. انتهى.
واحتج من منع من المالكية بأن بعض النِّسوة قد تكون أنفع في السفر من غيرها، فلو خرجت القرعة للتي لا نفْعَ لها في السفر لأضرَّ بحال الزوج،
¬__________
= حديث الإفك وقبول توبة القاذف 4/ 2129، 2130 ح 2770/ 56.
(¬1) الطبقات الكبرى 8/ 169، 170.
(¬2) الفتح 9/ 311.

الصفحة 353