كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

قد ذَئر (أ) النساءُ على أزواجهن -بفتح المعجمة وكسر الهمزة بعدها راء، أي نشَز، بنون ومعجمة وزاي. وقيل: معناه غضب واستب- فأذن لهم فضربوهن، فأطاف بآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساء كثير، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لقد أطاف بآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعون امرأة كلهن يشتكين أزواجهن، ولا تجدون أولئك أخياركم". وله شاهد من حديث ابن عباس في "صحيح ابن حبان" (¬1)، وآخر مرسل من حديث أم كلثوم بنت أبي بكر عند البيهقي (¬2)، قال الشافعي: يحتمل أن يكون النهي للكراهة، والإذن فيه قرينة على ذلك فيكون مباحًا، ويحتمل أن يكون قبل نزول الآية بضَرْبِهن ثم أذن بعد نزولها فيه. وعلى قاعدة من يبني العام على الخاص مطلقًا كالشافعي أن يقول: الضرب في الآية مُقيَّد بالنشوز، والمطلق في الحديث مقيد بذلك، والنهي العام مخصص بحالة النشوز، والتأويل المذكور إنما يحتاج إليه من يجعل العام المتأخر ناسخًا للخاص المتقدم، فإذا جهل التاريخ حصل التعارض واحتاج إلى التأويل. والله سبحانه أعلم.
وقد أخرج النسائي (¬3) في الباب حديث عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة له ولا خادما قط، ولا ضرب بيده شيئًا قط إلا في (ب) سبيل الله، أو تُنْتَهك محارم الله، فينتقم لله. ولكن ذلك لكرم خُلُقِه - صلى الله عليه وسلم - ورأفته بالمؤمنين ورحمته للعالمين.
¬__________
(أ) في جـ: ذئرن.
(ب) ساقط من: جـ.
__________
(¬1) ابن حبان 9/ 491 ح 4186.
(¬2) البيهقي 7/ 304.
(¬3) النسائي في الكبرى 5/ 370، 371 ح 9164.

الصفحة 357