كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

باب الخلع
الخُلْعُ -بضم المعجمة وسكون اللام- في اللغة: فراق الزوجة على مال، مأخوذ من خلع الثوب؛ لأن المرأة لباس الرجل مجازًا، وضم المصدر تفرقة بين الحقيقي والمجازي، وفي الشرع: فراق الرجل زوجته بعوض للزوج مع شرائط.
وأجمع العلماء على مشروعيته، إلا بكر بن عبد الله المزني التابعي المشهور فإنه قال: لا يحل للرجل أن يأخذ من امرأته في مقابل فراقها شيئًا؛ لقوله تعالى: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (¬1). فأوردوا عليه قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (¬2). فادعى نسخها بآية "النساء". أخرجه ابن أبي شيبة وغيره (¬3) عنه، ورد عليه بآية "النساء" أيضًا: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ} (¬4). وبقوله تعالى: (فلا جَناح عليهما أن يَصَّالحا) (¬5). وبالحديث، وانعقد الإجماع بعده على اعتباره، وبأن آية "النساء" مخصصة بآية "البقرة" وبآيتي "النساء" الآخرتين والحديث.
وهو مكروه إلا لخشية ألا يقيما حدود الله أو أحدهما، وذكر المصنف (¬6) رحمه الله تعالى أنه لا كراهة فيه إذا خشيا أن يئول الطلاق إلى التثليث،
¬__________
(¬1) الآية 20 من سورة النساء.
(¬2) الآية 30 من سورة البقرة.
(¬3) ينظر المحلى 11/ 586، والتمهيد 23/ 375، والفتح 9/ 395.
(¬4) الآية 4 من سورة النساء.
(¬5) قرأ الكوفيون (يُصْلِحا) بضم الياء وإسكان الصاد وكسر اللام من غير ألف، وقرأ الباقون بفتح الياء والصاد والسلام وتشديد الصاد وألف بعدها. النشر 2/ 190.
(¬6) الفتح 9/ 396.

الصفحة 359