كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

في كتاب النكاح عن قتادة عن الحسن فذكره. قال قتادة: وما أخذ الحسن هذا إلا عن زياد. يعني حين كان أميرًا لمعاوية على العراق، وزياد ليس أهلا لأن يقتدى به. وذهب أبو قلابة والحسن البصري ومحمد بن سيرين إلى أنه لا يجوز أخذ الفدية منها إلا أن يرى على بطنها رجلًا. أخرجه ابن أبي شيبة (¬1)، وكأنهم لم يبلغهم الحديث، واستدل ابن سيرين بظاهر قوله تعالى: {إلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (¬2). وهو يحتمل أن يراد بالفاحشة النشوز، ولكن الظاهر أن المراد بها الزنى؛ لأن الآية الكريمة مراد بها أن الرجل لا يجوز له العضل، وهو المهاجرة لزوجته والإيذاء لها لتفتدي منه، إلا إذا أتت بفاحشة مبينة جاز له مهاجرتها لتفتدي منه، ولا يجب عليه أن يفضحها بالقذف لها، بل هذه الحالة أسلم فيجوز له أن يفتدي منها بما تراضيا عليه ويطلقها، فلا مخالفة للحديث، ويتأول ما ذهب إليه أبو قلابة بهذه الحال، وذهب ابن المنذر إلى أنه لا يجوز أخذ الفداء إلا إذا وقع الشقاق منهما جميعًا، وإن كان من أحدهما لم يجز، وهو موافق لظاهر الآيتين ولا يطابق الحديث، وأجاب الطبري (¬3) عن ظاهر الآية بأنه نسب إليهما عدم الإقامة؛ لأنه إذا كان من الزوجة عدم القيام بحقوق الزوج التي أمرت بها، كان ذلك حاملًا للزوج على مثل ذلك بحسب الأغلب، فينسب إليهما جميعًا الفعل، فلا يتم الاستدلال.
ودل الحديث على أنه يأخذ منها مثل ما سلم إليها أو قدر ذلك، وأما
¬__________
(¬1) ابن أبي شيبة 5/ 107.
(¬2) الآية 19 من سورة النساء.
(¬3) تفسير ابن جرير 2/ 461.

الصفحة 369