ومنها: جواز النظر من الرجل وإن لم يكن خاطبًا لإرادة التزوج، فإنه - صلى الله عليه وسلم - صعَّد النظر، وهو يدل على المبالغة في الاستقصاء لمعرفة مخايلها وما يرغب في نكاحها. ويمكن الانفصال عنه بدعوى الخصوصية له لمحل العصمة. قال المصنف رحمه الله تعالى (¬1): والذي تحرر عندنا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يحرُم عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات بخلاف غيره. انتهى. ويحتمل أن ذلك كان قبل الحجاب، أو بعده وهي متلفعة.
ومنها: أن الهبة لا تتم إلا بالقبول. ومنها: جواز الخِطبة على الخطبة إذا عرف رغبة الأول عن المخطوبة. ومنها: ثبوت ولاية الإمام على المرأة التي لا قربها لها إذا أذنت، وإن كان في بعض الألفاظ التي مرت ما يدل على أنها فوضت النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأنها، والتفويض توكيل.
ومنها: أن النكاح لا بد فيه من صداق، وأنه لا حد لأكثره، وأما أقله فالحديث يدل على أنه يصح أن يكون شيئًا يسيرًا، فإن قوله: "ولو خاتمًا من حديد". مبالغة في تقليله، فيصح بكل ما تراضى عليه الزوجان أو مَن العقد إليه مما فيه منفعة كالسَّوط والنعل وإن كان قيمته أقل من درهم، وضابطه أن كل ما جاز أن يكون قيمة وثمنًا لشيء صح أن يكون مهرًا. ونقل عياض (¬2) الإجماع على أنه لا يصح أن يكون مما لا قيمة له، ولا يحل به النكاح. وقال أبو محمد بن حزم (¬3): يصح بكل ما يسمى شيئًا ولو حبة من شعير؛ لقوله:
¬__________
(¬1) الفتح 9/ 210.
(¬2) الفتح 9/ 211.
(¬3) المحلى 11/ 97.