كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

"هل تجد شيئًا؟ ". ويجاب عنه (أبأنه مخصص أ) بقوله: "ولو خاتمًا من حديد". لأنه ورد مبالغة في التقليل وله قيمة. وبه قال يحيى بن سعيد الأنصاري وأبو الزناد وربيعة وابن أبي ذئب وغيرهم من أهل المدينة غير مالك ومن تبعه، وابن جريج ومسلم بن خالد وغيرهما من أهل مكة، والأوزاعي في أهل الشام، لليث في أهل مصر، والثوري وابن أبي ليلى وغيرهم من العراقيين غير أبي حنيفة ومن تبعه، الشافعي وداود وفقهاء أصحاب الحديث، وابن وهب من المالكية، ورواية عن الناصر. وذهبت طائفة إلى تحديد أقله؛ فذهبت العترة جميعًا وأبو حنيفة وأصحابه إلى أن أقله عشرة دراهم، قالوا: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا مهر أقل من عشرة دراهم" (¬1). وقياسًا على المال الذي يقطع السارق به بجامع استباحة عضو محرم في كل منهما (¬2). وأجاب الجمهور عن ذلك بأن الحديث لو كان ثابتًا لكان نصًّا في محل النزاع، لكنه غير ثابت، فإنه يرويه مبشر بن عبيد عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن جابر، ومبشر والحجاج ضعيفان (¬3)، وعطاء أيضًا لم يلق جابرًا، فبطل الاحتجاج به لا سيما مع معارضته للحديث الصحيح المتفق على صحته. وأما القياس فكذلك لا يصح؛ لمصادمته النص ولفساده، وذلك أن اليد
¬__________
(أ- أ) في ب: بأن تخصص. وفي جـ: بأنه تخصيص.
__________
(¬1) أبو يعلى 4/ 72، 73 ح 2094، والدارقطني 3/ 245، والبيهقي 7/ 240.
(¬2) الذي في الفتح أن هذا القياس إنما هو لقول مالك بأن أقل المهر ثلاثة دراهم أو ربع دينار. ينظر الفتح 9/ 209، 210.
(¬3) مبشر بن عبيد الحمصي، كوفي الأصل، متروك، ورماه أحمد بالوضع، تقريب التهذيب ص 519، وتقدمت ترجمة الحجاج بن أرطاة في 2/ 168، 5/ 175.

الصفحة 41