كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

ومنها: أنه يجوز الحلف على ما يظن؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له بعد يمينه: "اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد" مرتين. ولو كانت اليمين لا تكون إلا على علم لم يكن لذهابه فائدة، إذ العلم لا ينتفي، ولا يجوز حصول ما يخالفه.
ومنها: أن الصداق يخرج عن ملك الزوج وتملكه المرأة بمجرد العقد. ومنها: أنه لا يجوز للمرء أن يُخرج عن ملكه ما لا بد له منه؛ مثل ما يستر العورة أو يسد الخلة من الطعام والشراب، لأنه قال له: "إن لَبِسَتْه لم يبق عليك منه شيء". فعلل المنع بأنه لم يبق عليه منه شيء.
ومنها: اختبار مدعي الإعسار؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصدقه في أول ما ادعى أنه معسر حتى ظهر له مخايل الصدق، وهو يدل على ما ثبت من الحكم في مدعي الإعسار أنه لا يسمع منه اليمين حتى يظهر إعساره بقرائن الأحوال.
ومنها: أنه يصح أن يكون الصداق منفعة الزوج، ويقاس عليه غيره، فإن التعليم هنا منفعة. وقد ذهب إلى صحة كون الصداق منفعة؛ العترة جميعًا والشافعي وأصبغ وسحنون؛ لهذا ولما في قصة شعيب وموسى. وذهب مالك إلى كراهة ذلك، وجوَّز الفسخ للنكاح قبل الدخول إذا كان على منفعة؛ وذلك لما في الإجارة من الجهالة والغرر، ولذلك خالف في الإجارة الأصم وابن علية، لأن التعامل إنما يكون في عين معروفة باقية، والإجارة تعلقت بحركات وأفعال غير ثابتة ولا مقدرة بنفسها. وذهب أبو حنيفة وأصحابه وابن القاسم من المالكية إلى منع ذلك إلا في [منفعة] (أ) العبد في غير تعليم [القرآن] (أ)، فجوزوا جعلها صداقًا، وكأنهم نظروا إلى أن قبض
¬__________
(أ) ساقط من: الأصل.

الصفحة 43