كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

عندي ما أتزوج به. قال: "أليس معك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؟ ".
الحديث. وأيد الطحاوي ما ذكره من الخصوصية أن الإجارة لا تصح إلا على عمل معين أو وقت معين، والتعليم قد لا يعرف وقته، فقد يحصل في وقت يسير، وقد يحتاج إلى زمان طويل. قال: فكما أنه لو باع منه داره بتعليم سورة لم يصح البيع، فكذلك النكاح. وأجيب عنه بأنه قد وقع تعيين القدر الذي أمره بتعليمها، ومقدار الوقت لا يختلف حال المتعلم فيه، خصوصًا العرب أهل اللسان. وأجاب بعضهم باختيار التعليل أيضًا، ولا يلزم منه عدم المهر، بل يكون المهر ثابتًا في ذمته، إذا أيسر قضاه. وقد جاء في حديث ابن عباس (¬1): "فإذا رزقك الله فعوِّضها". ولكنه غير ثابت. وقال بعضهم: يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - أصدق عنه كما كفّر عن المجامع في رمضان، ويكون ذكر القرآن وتعليمه للتحريض على تعلم القرآن وتعليمه، وتنويهًا بفضل أهله.
ومنها: أن قوله: "قد ملكتكها". يدل على أن النكاح ينعقد بلفظ يفيد التمليك، ولا يشترط لفظ الإنكاح أو التزويج، وقد ذهب إلى هذا العترة وأبو حنيفة وأصحابه، والمشهور عن المالكية جوازه بكل لفظ يفيد معناه إذا قرن بذكر الصداق أو قصد به النكاح كالتمليك ونحوه، ولا يصح عندهم بلفظ الإجارة والعارية والوصية، واختلف عندهم في الإحلال والإباحة، وهو كذا عند الحنفية في الإجارة على أصح الوجهين عندهم وعند الهدوية أيضًا، والحنفية تجيزه بكل لفظ يفيد التأبيد مع القصد، وعند الشافعي وأحمد والزهري وطاوس وربيعة وابن المسيب، لا بد من لفظ
¬__________
(¬1) وهو عند أبي عمر بن حيوة في فوائده -كما في الفتح 9/ 205، 207. وينظر الفتح 9/ 213.

الصفحة 46