كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

أراد مؤن النكاح. قال: وأصله الموضع الذي يتبوءه ويأوي إليه. وقال المازري: اشتق [العقد] (أ) على المرأة من أصل الباءة؛ لأن من شأن من يتزوج المرأة أن يتبوأ بها منزلًا. انتهى. ولابد من تقدير مؤن العقد. وقال النووي (¬1): اختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلى قول واحد، أصحهما أن معناها المراد اللغوي وهو الجماع، فتقديره: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه -وهي [مؤن] (5) النكاح- فليتزوج، ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم؛ ليدفع شهوته، ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء. وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشباب الذين هم مظنة شهوة النساء ولا ينفكون عنها غالبًا. والقول الثاني أن المراد هنا مُؤَن النكاح، سميت باسم ما يلازمها. وتقديره: من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع فليصم لتندفع شهوته. والذي حمل القائلين بهذا على ما قالوا قوله: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم". قالوا: والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة، فوجب تأويل الباءة على المؤن. وانفصل القائلون بالأول عن ذلك بالتقدير المذكور. انتهى. والتعليل المذكور للمازري. وأجاب عنه عياض (¬2) بأنه لا يبعد أن تختلف الاستطاعتان، فيكون المراد بقوله: "من استطاع الباءة". أي بلغ الجماع وقدر عليه "فليتزوج". ويكون قوله: "ومن لم يستطع". أي من لم يقدر على التزويج. ومع هذا التأويل يصح أن يكون معمول الاستطاعة المحذوف
¬__________
(أ) في النسخ: للعقد. والمثبت من الفتح 9/ 108.
(ب) في النسخ: مؤنة. والمثبت من شرح صحيح مسلم 9/ 173.
__________
(¬1) صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 173.
(¬2) الفتح 9/ 108.

الصفحة 8