كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

هو الباءة أو التزويج، ويكون ما ذكر تفسير المراد، وقد جاء مصرحًا بذلك في رواية الترمذي (¬1): "ومن لم يستطع منكم الباءة". وعند الإسماعيلي (¬2): "من استطاع منكم أن يتزوج فليتزوج". فيقدر فيمن لم يستطع لفظ التزويج؛ لدلالة المثبت على المنفي.
وقوله: "فليتزوج". فعل أمر وظاهره الوجوب، فيقتضي أن النكاح واجب على الإطلاق مع القدرة على أسبابه وهو تحصيل المؤن. وقد ذهب إلى هذا داود ومن وافقه من أهل الظاهر، ورواية عن أحمد، وذهب إليه أبو عوانة الإسفراييني من الشافعية وصرح به في "صحيحه"، ونقله المصعبي في "شرح مختصر الجويني" وجهًا. قال أهل الظاهر: إنما يلزم العقد دون الوطء. وروي عن أحمد أنه يجب عند خشية العنت. وعبارة ابن تيمية في "المحرر" (¬3): النكاح للتائق سنة مقدمة على نفل العبادة إلا أن يخشى الزنى بتركه فيجب، والوجوب عند خوف العنت وجه في مذهب الشافعي.
حكاه الرافعي عن "شرح مختصر الجويني". وقال النووي في "الروضة" (¬4): لا يتحتم النكاح، بل يخير بينه وبين التسري. وجزم به أبو العباس القرطبي، وهو من المالكية، بل زاد فحكى الاتفاق عليه، فإنه قال: إنا نقول بموجب هذا الحديث في حق الشاب المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزبة، بحيث لا يرتفع عنه إلا بالتزويج. وقال ابن حزم في "المحلى" (¬5): وفرض على كل قادر على الوطء إن وجد أن يتزوج أو يتسرى، فإن عجز عن
¬__________
(¬1) الترمذي 3/ 392 ح 1081.
(¬2) الفتح 9/ 108.
(¬3) المحرر 2/ 13.
(¬4) روضة الطالبين 7/ 19.
(¬5) المحلى 11/ 3.

الصفحة 9