كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 7)

وأخطأ في فتواه فإن هذِه فتوى عن اجتهاده، وقد (¬1) نزه الله تعالى الصحابة عن الكذب، وشهد لهم في محكم كتابه بالصدق والعدالة (¬2) فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (¬3) وسماه (¬4) كذبًا لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب، كما أن الكذب ضد الحق، وهذا الرجل ليس بمخبر عن غيره وإنما قاله باجتهاد أداه إلى أن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذب، وإنما يدخله الخطأ، وجاء كذب بمعنى أخطأ في غير موضع.
(سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: خمس صلوات) خمس مرفوع؛ لأنه خبر مبتدأ محذوف تقديره الإسلام خمس صلوات (كتبهن الله على العباد) في رواية الصحيحين: "خمس صلوات في اليوم والليلة". فقال: هل علي (¬5) غيرهن قال: "لا" (¬6).
قال القرطبي وغيره: فيه دليل على أن الوتر ليس بلازم ولا واجب، وهو مذهب الجمهور، وخالفهم أبو حنيفة، وقال: إنه واجب ولا يسميه فرضًا؛ لأن الفرض عنده ما كان مقطوعًا بلزومه كالصلوات الخمس (¬7).
ولهذا فهم عبادة بن الصامت من قوله: (خمس صلوات) أن الوتر
¬__________
(¬1) من (ر).
(¬2) من (ر).
(¬3) الحديد: 19.
(¬4) في (م): وشهادته.
(¬5) من (ر).
(¬6) أخرجه البخاري (46)، ومسلم (11) من حديث طلحة بن عبيد الله.
(¬7) "المفهم" 2/ 377.

الصفحة 55