(من إبل الصدقة) أخذ به الإمام أبو إسحاق المروذي من أصحابنا، وتمسك بظاهره على أنه يجوز صرف دية القتيل الذي تنازعوا في قتله من إبل الزكاة.
وقال جمهور أصحابنا وغيرهم: لا يجوز. وقالوا: معنى الحديث أنه اشتراها من أهل الصدقات بعد أن ملكوها ثم تبرع تبرعًا من عنده إلى أهل القتيل (¬1). [لا أنه] (¬2) دفع الزكاة إليهم؛ لأن أهل القتيل لا يستحقون إلا أن يحلفوا أو يستحلفوا المدعى عليهم.
وقد امتنعوا من الأمرين وهم مكسورون بقتل صاحبهم فأراد - صلى الله عليه وسلم - جبرهم (¬3) وقطع المنازعة، وإصلاح ذات البين بدفع ديته من عنده، ويدل على هذا التأويل رواية الصحيحين: فوداه من عنده (¬4) ويحتمل أنه وداه من بيت المال ومصالح المسلمين.
وحكى القاضي عياض عن بعض العلماء أنه يجوز صرف الزكاة في المصالح العامة (¬5). وتأول هذا الحديث عليه، وتأوله بعضهم على أن أولياء القتيل كانوا محتاجين ممن تباح لهم الزكاة.
قال النووي: وهذا تأويل باطل؛ لأن هذا قدر كثير لا يدفع إلى الواحد الخامل (¬6) من الزكاة، بخلاف أشراف القبائل، ولأنه سماه دية
¬__________
(¬1) "شرح النووي على مسلم" 11/ 148.
(¬2) في (م): لأنه.
(¬3) في (ر): إجبارهم.
(¬4) "صحيح البخاري" (899).
(¬5) "إكمال المعلم" 5/ 457.
(¬6) سقط من (م)، وفي (ر): الحاصل. والمثبت من "شرح النووي".