كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 7)

علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان (¬1) يقول في آخر وتره: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك) قال القاضي - رضي الله عنه -: وسخطه ومعافاته وعقوبته من صفات أفعاله، استعاذ من المكروه منهما إلى المحبوب ومن الشر إلى الخير (وأعوذ بك منك) ترقى من الأفعال إلى منشئ الأفعال فقال: وبك ومنك مشاهدة للحق وغيبةً عن الخلق (¬2)، وهذا محض المعرفة الذي لا [يعبر عنه] (¬3) قول ولا يضبطه وصف، قوله (¬4): (لا أحصي ثناء عليك) أي: لا أطيقه، ولا أنتهي إلى غايته ولا أحيط بمعرفته.
قال بعض المتأخرين: لا يظن القائل بقوله: لا أحصي [أنه لا يحصي] (¬5) هو بل يعتقد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي علم الأولين والآخرين قطرة من علومه ومع ذلك قال: "لا أحصي [ثناءً عليك] " (¬6)، وإذا قال هذا سيد الأولين والآخرين فلا معنى لقول القائل: لا أحصي [ثناءً عليك] (¬7) بل ما أحصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكما قال صلى الله عليه وآله وسلم مخبرًا عن حاله في المقام المحمود حين يخر تحت العرش للسجود قال: "فأحمده بمحامد لا أقدر عليها إلا أن يلهمنيها" (¬8) وروي عن مالك: لا أحصي نعمتك
¬__________
(¬1) من (ر).
(¬2) في (م): الحق.
(¬3) غير واضحة في (م).
(¬4) من (ر).
(¬5) و (¬6) و (¬7) سقط من (ر).
(¬8) رواه مسلم (193) من حديث أنس.

الصفحة 75