كتاب الكامل في التاريخ (اسم الجزء: 7)

بِالْعَوْدِ وَالْحَمْلَةِ عَلَى مَاكَانَ وَأَصْحَابِهِ، وَكَانَتْ نُفُوسُهُمْ قَدْ قَوِيَتْ بِأَصْحَابِهِمْ، فَرَجَعُوا وَحَمَلُوا عَلَى أُولَئِكَ، وَأَخَذَهُمُ السَّيْفُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ، فَوَلَّوْا مُنْهَزِمِينَ.
فَلَمَّا رَأَى مَاكَانُ ذَلِكَ، تَرَجَّلَ وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا، وَظَهَرَتْ مِنْهُ شَجَاعَةٌ لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهَا، فَأَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَوَقَعَ فِي جَبِينِهِ، فَنَفَذَ فِي الْخُوذَةِ وَالرَّأْسِ حَتَّى طَلَعَ مِنْ قَفَاهُ وَسَقَطَ مَيِّتًا، وَهَرَبَ وَشْمَكِيرُ وَمَنْ سَلِمَ مَعَهُ إِلَى طَبَرِسْتَانَ، فَأَقَامَ بِهَا، وَاسْتَوْلَى أَبُو عَلِيٍّ عَلَى الرَّيِّ، وَأَنْفَذَ رَأْسَ مَاكَانَ إِلَى بُخَارَى وَالسَّهْمُ فِيهِ، وَلَمْ يُحْمَلْ إِلَى بَغْدَاذَ حَتَّى قُتِلَ بُجْكُمُ ; لِأَنَّ بُجْكُمَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَجَلَسَ لِلْعَزَاءِ لَمَّا قُتِلَ، فَلَمَّا قُتِلَ بُجْكُمُ، حُمِلَ الرَّأْسُ مِنْ بُخَارَى إِلَى بَغْدَاذَ وَالسَّهْمُ فِيهِ وَفِي الْخُوذَةِ، وَأَنْفَذَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَسْرَى إِلَى بُخَارَى أَيْضًا، وَكَانُوا بِهَا حَتَّى دَخَلَ وَشْمَكِيرُ فِي طَاعَةِ آلِ سَامَانَ، وَسَارَ إِلَى خُرَاسَانَ فَاسْتَوْهَبَهُمْ، فَأَطْلَقُوا لَهُ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ ثَلَاثِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] .

ذِكْرُ قَتْلِ بُجْكُمَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ بُجْكُمُ.
وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيَّ أَنْفَذَ جَيْشًا مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى مَذَارَ، فَأَنْفَذَ بُجْكُمُ جَيْشًا إِلَيْهِمْ عَلَيْهِمْ تُوزُونُ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا كَانَ أَوَّلًا عَلَى تُوزُونَ، فَكَتَبَ إِلَى بُجْكُمَ يَطْلُبُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ، فَسَارَ بُجْكُمُ إِلَيْهِمْ مِنْ وَاسِطَ مُنْتَصَفَ رَجَبٍ، فَلَقِيَهُ كِتَابُ تُوزُونَ بِأَنَّهُ ظَفِرَ بِهِمْ وَهَزَمَهُمْ، فَأَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى وَاسِطَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِأَنْ يَتَصَيَّدَ، فَقَبِلَ مِنْهُ، وَتَصَيَّدَ حَتَّى بَلَغَ نَهْرَ جُورَ، فَسَمِعَ أَنَّ هُنَاكَ أَكْرَادًا لَهُمْ مَالٌ وَثَرْوَةٌ، فَشَرِهَتْ نَفْسُهُ (إِلَى أَخْذِهِ) ، فَقَصَدَهُمْ فِي قِلَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِغَيْرِ جُنَّةٍ تَقِيهِ، فَهَرَبَ الْأَكْرَادُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَرَمَى هُوَ أَحَدَهُمْ فَلَمْ يُصِبْهُ، فَرَمَى آخَرَ فَأَخْطَأَهُ أَيْضًا، وَكَانَ لَا يَخِيبُ سَهْمُهُ، فَأَتَاهُ غُلَامٌ مِنَ الْأَكْرَادِ مِنْ خَلْفِهِ وَطَعَنَهُ فِي خَاصِرَتِهِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فَقَتَلَهُ وَذَلِكَ

الصفحة 93