كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 7)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَمْرِهِ، وَكَانَ الْحَجّ مَنْقُولًا عَنْ وَقْتِهِ، كَمَا تَقَدّمَ فِي أَوّلِ الْكِتَابِ، فَقَدْ ذَكَرَ أَنّهُمْ كَانُوا يَنْقُلُونَهُ عَلَى حَسَبِ الشّهُورِ الشّمْسِيّةِ، وَيُؤَخّرُونَهُ فِي كُلّ سَنَةٍ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهَذَا هُوَ الّذِي مَنَعَ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَحُجّ مِنْ الْمَدِينَةِ، حَتّى كَانَتْ مَكّةُ دَارَ إسْلَامٍ، وَقَدْ كَانَ أَرَادَ أَنْ يَحُجّ مَقْفَلَهُ مِنْ تَبُوكَ، وَذَلِكَ بِإِثْرِ فَتْحِ مَكّةَ بِيَسِيرِ، ثُمّ ذَكَرَ أَنّ بَقَايَا الْمُشْرِكِينَ يَحُجّونَ، وَيَطُوفُونَ عُرَاةً فَأَخّرَ الْحَجّ، حَتّى نَبَذَ إلَى كُلّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، وَذَلِكَ فِي السّنَةِ التّاسِعَةِ، ثُمّ حَجّ فِي السّنَةِ الْعَاشِرَةِ بَعْدَ امّحَاءِ رُسُومِ الشّرْكِ، وَانْحِسَامِ سِيَرِ الْجَاهِلِيّةِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ: إنّ الزّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السماوات وَالْأَرْضَ.
حُكْمُ الْعُمْرَةِ:
وَالْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَر وَابْنِ عَبّاسٍ، وَقَالَ الشّعْبِيّ: لَيْسَتْ بِوَاجِبَةِ، وَذُكِرَ عَنْهُ أَنّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ بِالرّفْعِ لَا يَعْطِفُهَا عَلَى الْحَجّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: هِيَ وَاجِبَةٌ إلّا عَلَى أَهْلِ مَكّةَ، وَيَكْرَهُ مَالِكٌ أَنْ يَعْتَمِرَ الرّجُلُ فِي الْعَامِ مِرَارًا، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْإِبَاحَةِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيّ وَابْنِ عَبّاسٍ وَعَائِشَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ قَالُوا: يعتمر الرجل فى العام ما شاء «1» .
__________
(1) حقق الإمام ابن القيم هذه المسألة، وانتهى إلى نتيجة هى أن المسلم يجوز له أن يعتمر فى العام ما شاء، فانظر ص 363 وما بعدها ح 1 زاد المعاد.
الصفحة 27