كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 7)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْحَدِيثَ،: وَفِيهِ اطّلَعْت فِي الْجُلْجُلِ فَرَأَيْت شَعَرَاتٍ حمرا، وهذا كلام مشكل وشرحه فى مسند وَكِيعِ بْنِ الْجَرّاحِ قَالَ: كَانَ جُلْجُلًا مِنْ فِضّةٍ صُنِعَ صِيوَانًا لِشَعَرَاتِ كَانَتْ عِنْدَهُمْ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنّهُ كَانَ مَخْضُوبَ الشّيْبِ، وَقَدْ صَحّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ. أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ لَمْ يَكُنْ بَلَغَ أَنْ يَخْضِبَ إنّمَا كَانَتْ شَعَرَاتٍ تُعَدّ.
فَالْجَوَابُ: أَنّهُ لَمّا تُوُفّيَ خَضَبَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهِ تِلْكَ الشّعَرَاتِ لِيَكُونَ أَبْقَى لها، كذلك قال الدّار قطنى فِي أَسْمَاءِ رِجَالِ الْمُوَطّأِ لَهُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْضِبُ بِالْحِنّاءِ وَالْكَتَمِ، وَكَانَ عُمَرُ يَخْضِبُ بِالصّفْرَةِ، وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يَخْضِبُ بِالْخِطْرِ، وَهُوَ الْوَسْمَةُ، وَأَمّا الصّفْرَةُ، فَكَانَتْ مِنْ الْوَرْسِ، أَوْ الْكُرْكُمِ وَهُوَ الزّعْفَرَانُ، وَالْوَرْسُ يَنْبُتُ بِالْيَمَنِ يُقَالُ لِجَيّدِهِ: بَادِرَةُ الْوَرْسِ، وَمِنْ أَنْوَاعِهِ: الْعَسْفُ وَالْحَبَشِيّ وَهُوَ آخِرُهُ، وَيُقَالُ مِنْ الْحِنّاءِ: حَنّا شَيْبَهُ وَرَقّنَهُ، وَجَمْعُ الْحِنّاءِ حِنّانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ الشّاعِرُ:
وَلَقَدْ أَرُوحُ بِلِمّةِ فَيْنَانَةٍ ... سَوْدَاءَ قَدْ رُوِيَتْ مِنْ الْحِنّانِ
مِنْ كِتَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَزِيدُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ فِي شَيْبِ أَبِي قُحَافَةَ: وَجَنّبُوهُ السّوَادَ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَرَاهَةِ الْخِضَابِ بِالسّوَادِ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ آخَرَ جاء فيه الْوَعِيدِ وَالنّهْيِ لِمَنْ خَضَبَ بِالسّوَادِ، وَقِيلَ: أَوّلُ مَنْ خَضَبَ بِالسّوَادِ فِرْعَوْنُ، وَقِيلَ: أَوّلُ
الصفحة 96