مسلمًا من النساء والرجال، ولا نغرم مهورَ النساء، ولا يجوز أن نشرط ردَّ المسلمات، وقد شرط عليه السلام ردَّ مَنْ جاءه من الكفَّار مسلمًا (¬1)، وهل دخل المسلماتُ في هذا العموم؟ فيه قولان:
أحدُهما: دخلن فيه، ثمَّ نُسخ ردُّهنَّ بقوله: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10].
والثاني: لم يدخلن فيه، وهل علم عليه السلام بأنَّهنَّ لم يدخلن؟ فيه مذهبان:
أحدُهما: أنَّه علم بذلك، ولكنَّه أوهم دخولهنَّ باللفظ العامِّ؛ لمصلحة رآها؛ فإنَّ في المعاريض مندوحةً عن الكذب، وكان إذا أراد غزوة وَرَّى بغيرها (¬2).
والثاني: لم يعلم، وكأنَّه أُمر أن يتلفَّظ به، فصالح عليه كما أُمر، ثمَّ نزل تخصيصُه، فإن قال الإمام: من جاءنا منكم رددناه عليكم، فجاءنا مسلمون ومسلمات، رددنا الرجالَ ذوي العشائر، ولم نردَّ المسلمات، وهل يلزمنا غرمُ مهورهنَّ لأزواجهن؟ فيه خلاف؛ إن قلنا: إنهنَّ دخلن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثمَّ نُسخ ردُّهن (¬3)، لم يُغرم المهر؛ لفساد هذا الشرط الآن، وإِن قلنا: غرم عليه السلام مهورَهنَّ؛ للإيهام، لزمنا الغرمُ، وفي علَّته مذهبان:
¬__________
(¬1) إنما ذلك عليه السلام بعد عقد الهدنة جوابًا لبعض الصحابة. انظر: "صحيح مسلم" (1784)، و"البدر المنير" لابن الملقن (9/ 230).
(¬2) أخرجه البخاري (2947)، من حديث كعب بن مالك -رضي الله عنه-.
(¬3) ساقطة من "س".