كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 7)

وذكر الحارثي الجواز، واختاره الشيخ تقي الدين، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم.
ولا يصح اشتراط ما ينافي الهبة، كأن يشترط الواهب على المتهب لا يبيع العين الموهوبة، أو لا يهبها، أو لا يأكل منها، أو لا يلبس الثوب الموهوب، أو لا يركب المركوب الموهوب، أو لا ينزل العمارة، أو الفلة، أو الدكان الموهوب له، أو لا يعمر الأرض الموهوبة له، أو نحو ذلك، فالشرط غير صحيح؛ لأن مقتضى الملك التصرف المطلق، فالحجر فيه ينافي مقتضاه، كما لو شرط في البيع أن لا يخسر، فالعقد صحيح، والشرط لاغ.
ولا تصح مؤقتة كوهبتك شهرًا أو أسبوعًا أو سنة؛ لأنه تعليق لانتهاء مدة الهبة، فلا تصح معه كالبيع، إلا في العمرى والرقبى فيصحان، وهما نوعان من أنواع الهبة، يفتقران إلى ما تفتقر إليه سائر الهبات من الإيجاب والقبول والقبض.
قال العمريطي:

وحكم ما أعمره أو أرقبه ... من ماله لغيره حكم الهبة

ويصح توقيتهما.
وسميت العمرى عمرى؛ لتقييدها بالعمر، وسميت الرقبى رقبى؛ لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه، قال أهل اللغة: يقال أعمرته، وعمرته مشددًا، إذا جعلت له الدار مدة عمره، أو مدة عمري، وكانت الجاهلية تفعله فأبطل الشرع ذلك.
ومثالها قوله: أعمرتك أو أرقبتك هذه الدار أو هذه الفرس
أو هذه الأمة، قال ابن القطاع: أرقبتك أعطيتك وهي هبة
ترجع إلى المرقب إن مات المرقب، وقد نهى عنه ونص الإمام

الصفحة 27