كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 7)

وللبخاري مثله، لكن ذكره بلفظ العطية لا بلفظ الصدقة فأمر - صلى الله عليه وسلم - بالعدل بينهم، وسمي تخصيص أحدهم بدون الباقين، جورا والجور حرام، فدل على أن أمره بالعدل للوجوب.
ومحل التعديل الواجب بينهم بكون الهبة لهم بقدر إرثها منه للذكر مثل حظ الأنثيين، اقتداء بقسمة الله - سبحانه وتعالى -، وقياسًا لحالة الحياة على حالة الموت، قال عطاء: ما كانوا يقسمون على كتاب الله - سبحانه وتعالى -، وقضية بشير قضية عين، وحكاية حال لا عموم لها، إنما يثبت حكمها في مثلها، ولا نعلم حال أولاد بشير، هل فيهم أنثى أم لا؟ ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم أن ليس له إلا ولد ذكر.
وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك وابن المبارك: يعطي الأنثى مثل ما يعطي الذكر، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره ابن عقيل والحارثي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبشير: «سوي بينهم» ، وعلل ذلك بقوله: «أيسرك أن يستووا في برك؟» فقال: نعم، فسوى بينهم، والبنت كالابن في الاستحقاق في برها، فكذلك في عطيتها.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثرًا أحدًا لأثرت النساء على الرجال» رواه سعيد، والذي تطمئن إليه النفس القول الأول الموافق لقسمة العليم الحكيم الرؤوف الرحيم، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم.

الصفحة 34